Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 31-35)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب { لننجينه } بالتخفيف . الباقون بالتثقيل . وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف وابو بكر ويعقوب { منجوك } غير متحرك بالتخفيف . الباقون بالتشديد وقرأ ابن عامر والكسائي عن ابي بكر { منزلون } بالتشديد . الباقون بالتخفيف . من قرأ { لننجينه } بالتشديد وبتحريك النون ، فلقوله { ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون } ولقوله { إلا آل لوط نجيناهم بسحر } ومن خفف فلقوله { فأنجاه الله من النار } يقال : نجا زيد وأنجيته ونجيته ، مثل فرح وفرحته وأفرحته . ومن قرأ { منزلون } بالتشديد ، فلان أصله نزل ، كما قال { نزل به الروح الأمين } فاذا عديته ثقلته إما بالهمزة او بالتضعيف والتضعيف يدل على التكرار . وقوله { إنا منجوك وأهلك } نصب { أهلك } على انه مفعول به عطفاً على موضع الكاف ، وقوله { قوا أنفسكم وأهليكم } انما كسر اللام وموضعها النصب ، لان العرب تقول : رأيت أهلك يريدون جميع القرابات . ومنهم من يقول : أهليك ، ويجمع اهل على أهلين ، فاذا أضافه ذهبت النون للاضافة ، فالياء علامة الجمع والنصب ، وكسرت اللام لمجاورتها الياء . وفي الحديث " " ان لله أهلين " قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال " اهل القرآن هم اهل الله وخاصته " " ومن العرب من يجمع ( أهلا ) أهلات انشد ابن مجاهد : @ فهم اهلات حول قيس بن عاصم إذا ادلجوا بالليل يدعون كوثرا @@ قال ابن خالويه : الصواب أن يجعل اهلات جمع اهلة . قال : فان قيل : هل يجوز أن تقول أهلون ؟ - بفتح الهاء - كما يقولون : أرضون إذ كان الأصل ارضات ، قال : إن ( أهلا ) مدكر تصغيره أهيل ، وارضاً مؤنثة تصغيرها أريضة ، والتاء سابقة في المؤنث ممتنعة في المذكر ، فهذا يفصل ما بينهما ، قال وما علمت أحداً تكلم فيه . اخبر الله تعالى انه لما جاء ابراهيم رسل الله ، وهم من الملائكة بالبشرى يبشرونه باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب ، والبشرى البيان ، وهو الخبر بما يظهر سروره في بشرة الوجه . وقيل : للاخبار بما يظهر سروره او غمه في البشرة : بشرى ، ويقوي ذلك قوله { فبشرهم بعذاب أليم } غير انه غلب عليه البشارة بما يسر به . وقوله { قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية } حكاية ما قالت الملائكة لابراهيم فانهم قالوا له : بعثنا الله وارسلنا لاهلاك هذه القرية التي فيها قوم لوط . والاهلاك الاذهاب بالشيء إلى ما لا يقع به احساس ، فلما كانوا بالعذاب قد اذهبوا هذا الاذهاب كانوا قد اهلكوا ، والقرية البلدة التي يجتمع اليها للايواء من جهات مختلفة ، وهي من قريت الماء في الحوض أقريه قرياً . إذا جمعته . ومنه قرى الضيف لانك تجمعه اليك بما تعده له من طعام . و ( الظالم ) من فعل الظلم وهو صفة ذم . فقال لهم ابراهيم عند ذلك { إن فيها لوطاً } كيف تهلكونها ، فقالوا في جوابه { نحن أعلم بمن فيها } والأعلم الاكثر معلوماً ، فاذا كان الشيء معلوماً لعالم من جهات مختلفة ولعالم آخر من بعض تلك الوجوه دون بعض كان ذلك اعلم . ثم قالوا { لننجينه } أي لنخلصنه من العذاب { وأهله } أي ونخلص أيضاً اهله المؤمنين منهم { إلا امرأته كانت من الغابرين } أي من الباقين في العذاب ، قال المبرد : و { أهلك } عطف على المعنى ، لأن موضع الكاف الخفض ، ولا يجوز العطف على المضمر المخفوض على اللفظ ، ومثل ذلك قول لبيد : @ فان لم تجد من دون عدنان والداً ودون معد فلترعك العواذل @@ فنصب ( ودون ) على الموضع . ثم حكى تعالى أن رسل الله لما جاءت { لوطاً سيء بهم } وقيل في معناه قولان : احدهما - سيء بالملائكة أي ساء مجيؤهم لما طلبوا منه الضيافة لما يعلم من خبث فعل قومه - في قول قتادة - . الثاني - سيء بقومه ذرعاً أي ضاق بهم ذرعاً ، لما علم من عظم البلاء النازل بهم ، فلما رأته الملائكة على تلك الصفة { قالوا } له { لا تخف ولا تحزن إنا منجوك } اي مخلصوك ومخلصوا { أهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين } اي من الباقين في العذاب . وانما قال { من الغابرين } على جمع المذكر تغليباً للمذكر على المؤنث إذا اجتمعا . وقيل : كانت من الباقين لأنه طال عمرها ، ذكره ابو عبيدة ، وقالوا له { إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً } اي عذاباً رجزاً { بما كانوا يفسقون } ويخرجون من طاعة الله إلى معصيته . ثم اخبر تعالى فقال { ولقد تركنا منها } يعني من القرية انه بينه ، قال قتادة الآية البينة الحجارة التي أمطرت عليهم . وقال غيره عفو آثارهم مع ظهور هلاكهم { لقوم يعقلون } ذلك ويبصرونه ويتفكرون فيه ويتعظون به ، فيزجرهم ذلك عن الكفر بالله واتخاذ شريك معه في العبادة .