Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 144-144)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القصة ، والنزول : قال ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، ومجاهد : إن سبب نزول هذه الآية انه لما ارجف بان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قتل يوم أحد واشيع ذلك ، قال ناس لو كان نبياً ما قتل . وقال آخرون نقاتل على ماقاتل عليه حتى نلحق به . وكان سبب انهزامهم وتضعضهم اخلال الرماة بمكانهم من فم الشعب ، وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نهاهم عن الاخلال به ، وحذرهم من الانصراف عن الشعب مخافة أن يخرج منه كمين عليهم ، فلما انهزم المشركون في الجولة الأولى ، فتبعوهم المسلمون وتواقعوا في غنائمهم فقال الموكلون بالشعب : يغنمون ولا نغنم . فقال لهم رئيسهم : الله الله لا تفعلوا فان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أمرنا ألا نبرح ، فلم يقبلوا منه وانصرفوا ، وثبت رئيسهم مع إثني عشر رجلا ، فقتلوا ، خرج عليهم خالد بن الوليد في مأتي فارس من الشعب ، وكان كامنا فيه . وكان ذلك سبب هزيمة المسلمين ، وإصابة رباعية النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وجرحه . وكان الذي جرحه وكسر رباعيته عتبة بن أبي وقاص ، وقيل إن عبد الله ابن قمية ضربه على حبل عاتقه ، ومضى إلى المشركين ، وقال قتلت محمداً وشاع ذلك فأنزل الله هذه الآية . فان قيل : كيف دخل الاستفهام على الشرط . وإنما هو كغيره من الانقلاب والتقدير أتنقلبون إن مات أو قتل ؟ قيل : لأنه لما انعقد الشرط به صار جملة واحدة وخبراً واحداً بمنزلة تقدير الاسم قبل الفعل في الذكر إذا قيل أزيد قام ، وكذلك تقديمه في القسم ، والاكتفاء بجواب الشرط من جواب القسم ، كما قال الشاعر : @ حلفت له إن تدلج الليل لا يزل أمامك بيت من بيوتي سائر @@ أي حلفت له لا يزال امامك بيت وأجاز الفراء في مثله { أفان مات أو قتل } تنقلبون بالرفع ، والجزم ومعنى { انقلبتم على أعقابكم } أي ارتددتم كفاراً بعد إيمانكم ، لأن الرجوع عن الحق إلى الباطل بمنزلة رجوع القهقرى في القبح ، والتنكيل بالنفس فجرى كالمثل في هذا المعنى . والالف في قوله : { أفان } ألف انكار بصورة ألف استفهام ، لأن التقرير به يظهر ما فيه من المنكر ، فلذلك أخرج مخرج الاستفهام مع أن معناه الانكار . ومثله أتختار الفساد على الصلاح والخطأ على الصواب . وقوله : { أفان مات أو قتل } يدل عى أن الموت غير القتل لأنه لو كان هو إياه لما عطف به عليه ، لأن الشيء لا يعطف على نفسه . والقتل هو نقض بنيه الحياة . والموت : في الناس من قال : هو معنى يضاد الحياة . وفيهم من قال : هو افساد البنية التي تحتاج الحياة إليها بفعل معان فيه تضاد المعاني التي تحتاج إليها الحياة . وقوله : { ومن ينقلب على عقبيه } أي من يرتد ويرجع عن الاسلام { فلن يضر الله شيئاً } لأنه لايجوز عليه المضار بل مضرته عائدة عليه ، لأنه يستحق العقاب الدائم . وقوله : { وسيجزي الله الشاكرين } معناه يثيب الله الشاكرين على شكرهم لنعم الله واعترافهم بها . ووجه اتصال هذا بما قبله اتصال الوعد بالوعيد ، لأن قوله : { فلن يضر الله شيئاً } دليل على معنى الوعيد ، لأن معناه انما يضر نفسه باستحقاقه العقاب { وسيجزي الله الشاكرين } بما يستحقونه من الثواب .