Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 44-44)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذلك إشارة إلى الاخبار عما تقدم من القصص . وفيه احتجاج على المشركين ، من حيث أنه جاء بما لا يعلم إلا من أربعة أوجه : إما مشاهدة الحال ، او قراءة الكتب ، أو تعليم بعض العباد ، أو بوحي من الله . وقد بطلت الأوجه الثلاثة للعلم بأنها لم تكن حاصلة للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) , فصح أنه على الوجه الرابع : بوحي من الله ( تعالى ) . والايحاء : هو القاء المعنى إلى صاحبه فقوله : { نوحيه إليك } أي نلقي معناه اليك . والايحاء : الارسال إلى الانبياء تقول : أوحى الله إليه أي أرسل إليه ملكا . والايحاء الالهام ومنه قوله تعالى { وأوحى ربك إلى النحل } أي ألهمها وقوله : { بأن ربك أوحى لها } معناه ألقى إليها معنى ما أراد فيها . قال العجاج : @ أوحى لها القرار فاستقرت @@ والايحاء الايماء قال الشاعر : @ فأوحت إلينا والانامل رسلها @@ ومنه قوله : { فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً } أي أشار إليهم ، والوحي : الكتاب . يقال : وحى يحي وحياً أي كتب ، لأن به يلقي المعنى إلى صاحبه قال رؤبة : @ لقدر كان وحاه الواحي @@ وقال : @ في سور من ربنا موحية @@ وقال آخر : @ من رسم آثار كوحي الواحي @@ وأصل الباب القاء المعنى إلى صاحبه . وقوله : { أوحيت إلى الحواريين } أي ألقى إليهم وألهمهم إلهاماً . ومنه قوله : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } أي يلقون إليهم وقوله : { وأوحي إلي هذا القرآن } أي ألقي إلي . والغيب : خفاء الشيء عن الادراك . تقول غاب عني كذا يغيب غيباً وغياباً . والغائب : نقيض الحاضر . وقوله : { وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم } قيل فيه قولان : أحدهما - التعجب من حرصهم على كفالتها ، لفضلها . ذكره قتادة ، لأنه قال : فشاح القوم عليها ، فقال زكريا : أنا أولى ، لأن خالتها عندي . وقال القوم : نحن أولى لأنها بنت إمامنا ، لأن عمران كان إمام الجماعة . الثاني - التعجب من تدافعهم لكفالتها ، لشدة الأزمة التي لحقتهم حتى وفق لها خير الكفلاء بها زكريا ( ع ) . وفي الآية حذف وتقديرها { إذ يلقون أقلامهم } لينظروا { أيهم يكفل مريم } أي أيهم أحق بكفالتها . والأقلام معناها ها هنا القداح وذلك أنهم ألقوها تلقاء الجرية ، فاستقبلت عصا زكريا جرية الماء مصعدة . وانحدرت أقلام الباقين ، فقرعهم زكريا في قول الربيع ، وكان ذلك معجزة له ( ع ) . والقلم : الذي يكتب به . والقلم : الذي يجال بين القوم ، كل إنسان وقلمه ، وهو القدح . والقلم : قص الظفر قلمته تقليماً . ومقالم الرمح كعوبه . والقلامة هي المقلومة عن طرف الظفر وأصل الباب قطع طرف الشيء . وقوله : { وما كنت لديهم إذ يختصمون } فيه دلالة على أنهم قد بلغوا في التشاح عليها إلى حد الخصومة ، وفي وقت التشاح قولان : أحدهما - حين ولادتها وحمل أمها إياها إلى الكنيسة تشاحوا في الذي يخصها ويحضنها ويكفل بتربيتها ، وهو الأكثر . وقال بعضهم إنه كان ذلك بعد كبرها وعجز زكريا عن تربيتها . و { إذ } الأولى متعلقة بقوله : { وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم } والثانية بقوله : { يختصمون } على قول الزجاج .