Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 49-49)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ أهل المدينة ويعقوب { طائراً بأذن الله } الباقون . { طيراً } وهو الاجود ، لأنه إسم جنس وطائر صفة . وقرأ نافع وحده { إني أخلق } بكسر الهمزة . الباقون بفتحها . الاعراب ، والحجة : يحتمل نصب قوله : { ورسولاً } وجهين : أحدهما - بتقدير ويجعله رسولا فحذف لدلالة الاشارة عليه . والثاني - أن يكون نصباً على الحال عطفاً على وجيهاً ، لا أنه في ذلك الوقت يكون رسولا بمعنى أنه يرسل رسولا . وقال الزجاج وجهاً ثالثاً بمعنى يكلمهم رسولا في المهد بـ { أني قد جئتكم بآية من ربكم } ولو قرئت { إني } بالكسر { قد جئتكم } كان صواباً . والمعنى يقول { إني قد جئتكم بآية من ربكم } أي بعلامة تدل على ثبوت رسالتي . وموضع { إني أخلق } يحتمل أن يكون خفضاً ورفعاً ، فمن قرأ بالخفص فعلى البدل من آية بمعنى جئتكم بأني أخلق لكم من الطين . والرفع أريد به الآية إني أخلق من الطين . وجائز أن يكون { إني أخلق لكم } مخبرهم بهذه الآية ما هي أي أقول لكم { إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير } . المعنى : والمراد بالخلق التقدير دون الاحداث ، يقال في التفسير أنه صنع من الطين كهيئة الخفاش ، ونفخ فيه فصار طائراً . وجاز أن يقول فيه للفظ الطين . وقال في موضع آخر . { فينفخ فيها فتكون طيراً بإذني } للفظ الهيئة . اللغة : والطين معروف . ومنه طنت الكتاب طيناً أي جعلت عليه طيناً ، لأختمه . وطينت البيت تطييناً . والطيانة : حرفة الطيان والطينة : قطعة من طين يختم بها الصك ونحوه . والهيأة : الحال الظاهرة هاء فلان يهاء هيئة . ومن قرأ { هيئت } معناه تهيأت لك فأما " هيت لك " فهلم لك والهيىء : الحسن الهيئة من كل شيء . والمهاياة : أمر يتهايا عليه القوم فيتراضون به . وقوله : { فانفخ فيه } النفخ معروف تقول نفخ ينفخ نفخاً ، وانتفخ انتفاخاً ، ونفخه نفخاً . والنفاخة للماء ، والنفخة نحو الورم في البطن . والنفخة : نفخة الصور يوم القيامة . والمنفاخ كير الحداد . وأصل الباب نفخ الريح التي تخرج من الفم . المعنى : ومعنى " أنفخ فيه " يعني أنفخ فيه الروح وهو جسم رقيق كالريح ، وهو غير الحياة ، لأن الجسم انما يحيا بما يفعله الله تعالى فيه من الحياة ، لأن الأجسام كلها متماثلة يحيي الله منها ما يشاء . وإنما قيد قوله : { فيكون طيراً بأذن الله } ولم يقيد قوله : { أخلق من الطين كهيئة الطير } بذكر إذن الله لينبه بذكر الاذن أنه من فعل الله دون عيسى . وأما التصوير والنفخ ، ففعله ، لأنه مما يدخل تحت مقدور القدر ، وليس كذلك انقلاب الجماد حيواناً فانه لا يقدر على ذلك أحد سواه تعالى . وقوله : { وأحيي الموتى بإذن الله } على وجه المجاز إضافة إلى نفسه وحقيقته ادعوا الله باحياء الموتى فيحييهم الله فيحيون باذنه . اللغة والمعنى : وقوله : { وأبرىء الأكمه } فالبرء والشفاء والعافية نظائر في اللغة . والأكمه الذي يولد أعمى في قول قتادة ، وأبي علي وقال الحسن ، والسدي : هو الاعمى . والكمه عند العرب العمى كمه يكمه كمهاً قال سويد بن أبي كاهل : @ كمهت عيناه حتى ابيضتا فهو يلحي نفسه لما نزع @@ والابرص معروف . وقوله : { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } أي أخبركم وأعلمكم بالذي تأكلونه ، فتكون ( ما ) بمعنى الذي ويحتمل أن تكون ( ما ) مع ما بعدها بمنزلة المصدر ، ويكون تقديره أخبركم بأكلكم . والأول أجود لقوله : { وما تدخرون } ويحتمل أن يكون المراد أيضاً وادخاركم . والاذخار الافتعال من الذخر ذخرت أذخر ذخراً وأذخرت اذخاراً . وأصل الباب الذخر ، وهو خبء الشيء لتأتيه . وإنما أبدلت الدال من الذال في { تدخرون } لتعديل الحروف أو أبدلت الدال من الذال بوجهين الجهر واختلاف المخرج ، فبدل ذلك بالدال ، لأنها موافقة للتاء بالمخرج والدال بالجهر ، فلذلك كان الاختيار ، وكان يجوز تذخرون بالذال على الأصل ونظير ذلك في التعديل بين الحروف وازدجر ، فمن اضطر ، واصطبر ، لموافقة الطاء للضاد والضاد بالاستعلاء والاطباق ، ولم يجز إدغام الزاي في الدال ، لأنها من حروف الصفير . ولكن يجوز مزجر . ولم يدغم الضاد في الطاء لأن فيها استطالة . والمجهور من الحروف : كل حرف اشبع الاعتماد عليه في موضعه ومنع النفس أن يجري معه . والمهموس : كل حرف أضعف الاعتماد عليه في موضعه وجرى معه النفس . وقوله : { إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } وإن كانت آية للجميع ، لأن معناه " إن كنتم مؤمنين " بالله إذ كان لا يصح العلم بمدلول المعجزة إلا لمن آمن بالله ، لأن العلم بالمرسل قبل العلم بالرسول . وإنما يقال هي آية للجميع بأن يقدموا قبل ذلك الاستدلال على التوحيد . وأيضاً بأن من استحق وصفه بأنه مؤمن علم أن ذلك من آيات الله عز وجل .