Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 55-55)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الاعراب : العامل في ( إذ ) يحتمل أحد أمرين . أحدهما - قوله : { ومكروا ومكرالله } { إذ قال } . والآخر ذاك { إذ قال يا عيسى } وعيسى في موضع الضم ، لأنه مناداً مفرد ، ولكن لا يبين فيه لأنه منقوص ، وعيسى لا ينصرف لاجتماع العجمة والتعريف على قول الزجاج ، لأنه حمل الألف على حكم الملحق بمخرج ولم يحملها على التأنيث ، فأما الألف في زكريا ، فلا يكون إلا للتأنيث ، لأنه لا مثال له في الاصول . وإذا عرب جرى على قياس كلامهم في أن الالف الزائدة لا تخلو أن تكون للتأنيث أو للالحاق ، فاذا بطل أحدهما صح أنها للآخر . وإنما وجب ذلك ، لأنه يجري مجرى الاعراب بالعوامل ، فأما الاشتقاق ، فلا يجب ، لأنه تصريف من أصل المشتق ، وليس العربي بأصل للعجمي ، وذلك نحو العيس وهو بياض الابل والعوس وهو السياسة لو كان عربياً ، لصلح أخذه من أحد الاصلين . وإذا أخذ من أحدهما امتنع من الآخر ، فلذلك إذا أخذ من العجمي امتنع من العربي . وقوله : { إني متوفيك } قيل في معناه ثلاثة أقوال : أحدها - قابضك برفعك من الارض إلى السماء من غير وفاة موت في قول الحسن وابن جريج وابن زيد . الثاني - متوفيك وفاة نوم في قول ابن عباس ووهب ابن منية . والثالث - ان فيه تقديماً وتأخيراً ، ومعناه إني رافعك ، ومتوفيك فيما بعد ذكره الفراء . وقوله : { ورافعك } قيل في معناه قولان : أحدهما - رافعك في السماء فجعل ذلك رفعاً إليه للتفخيم واجراءه على طريق التعظيم . والآخر - مصيرك إلى كرامتي كما يقال رفع إلى السلطان ، ورفع الكتاب إلى الديوان . وقال ابراهيم { إني ذاهب إلى ربي } . وإنما ذهب من العراق إلى الشام . وإنما أراد إلى حيث أمرني ربي بالمضي إليه . وقوله : { ومطهرك } قيل فيه قولان : أحدهما - مطهرك باخراجك من بين الارجاس ، لأن كونه في جملتهم بمنزلة التنجيس له بهم ، وإن كان عليه السلام طاهراً في كل حال ، وإنما ذلك على ازالته عن مجاورة الانجاس . والثاني - قال أبو علي : تطهيره : منعه من كفر يفعلونه بالقتل الذي كانوا هموا به لأن ذلك نجس طهره الله منه . وقوله : { وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة } يحتمل أن يكون جعلهم فوقهم بالحجة والبرهان ، ويحتمل أن يكون ذلك بالعز والغلبة ، وقال الحسن ، وقتادة ، والربيع : المعني بهذه الآية أهل الايمان . وما جاء به دون الذين كذبوه أو كذبوا عليه . وقال ابن زيد : المعني به النصارى ، وهم فرق اليهود من حيث كانوا اليهود أذل منهم إلى يوم القيامة ، ولهذا زال الملك عنهم وإن كان ثابتاً في النصارى في بلاد الروم وغيرها ، فهم أعز منهم وفوقهم . وقال الجبائي فيه دلالة على أنه لا يكون لليهود مملكة إلى يوم القيامة كما للروم . والوجه الأول أقوى ، لأنه أظهر إذا كان على جهة الترغيب في الحق ، وقوله : { ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون } وجه اتصاله بالكلام كأنه قال أما الدنيا فأنتم فيها على هذه الحال ، وأما الآخرة . فيقع فيها التوفية للحقوق على التمام والكمال . وإنما عدل عن الغيبة إلى الخطاب في قوله : { ثم إلي مرجعكم } لتغلب الحاضر على الغائب لما دخل معه في المعنى كما يقول بعض الملوك : قد بلغني عن أهل بلد كذا جميل ، فأحسن إليكم معشر الرعية .