Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 26-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو عمرو ويعقوب وابن شاهي { والبحر يمده } نصباً . الباقون رفعاً . من نصبه عطفه على { ما } في قوله { أن ما } لأن موضعها نصب بـ { أن } لأن الكلام لم يتم عند قوله { أقلام } فاشبه المعطوف قبل الخبر . قال ابن خالويه : وهذا من حذق ابي عمرو ، وجودة تمييزه . وإنما لم يتم الكلام مع الاتيان بالخبر لأن ( لو ) يحتاج إلى جواب . ومن رفع استأنف الكلام . اخبر الله تعالى أن له جميع ما في السموات والأرض ملك له يتصرف فيه بحسب إرادته لا يجوز لأحد الاعتراض عليه . ثم اخبر انه تعالى { هو الغني } الذي لا يحتاج إلى شيء من جميع المخلوقات كما يحتاج غيره من الاحياء المخلوقين وأنه { الحميد } مع ذات ، يعني المستحق للحمد العظيم ، ونقيضه الذميم ويقال ( محمود ) بمعنى حميد . ومعناه أنه اهل الحمد . ثم قال تعالى { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر } وفيه حذف ، لأن المعنى يكتب به كلام الله { ما نفدت كلمات الله } والآية تقتضي انه ليس لكلمات الله نهاية بالحكم ، لانه يقدر منها على ما لا نهاية له . وقال قوم : المعنى ان وجه الحكمة وعجيب الصنعة وإتقانها لا ينفد ، وليس المراد به الكلام . وقال ابو عبيدة : المراد بالبحر - ها هنا - العذب ، لأن المالح لا ينبت الاقلام . وقال ابن عباس : نزلت الآية جواباً لليهود ، لما قالوا قد أوتينا التوراة ، وفيها كل الحكمة ، فبين الله تعالى أن ما يقدر عليه من الكلمات لا حصر له ولا نهاية . والشجر جمع شجرة مثل تمرة وتمر ، وهو كل نبات يقوم على ساق ويورق الاغصان . ومنه اشتقت المشاجرة بين الناس في الأمر . ومنه قوله { في ما شجر بينهم } وشجر تشجيراً وتشاجروا تشاجراً ، ومد البحر إذا جرى غيره اليه حالا بعد حال . ومنه المد والجزر . ومد النهر ومده نهر آخر يمده مداً . وقال الفراء : يقولون : أمددتك الفاً فمددت . { إن الله عزيز حكيم } معناه عزيز في انتقامه من اعدائه { حكيم } في أفعاله . ثم قال { ما خلقكم } معشر الخلق { ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } أي إلا كبعث نفس واحدة أي لا يشق عليه ابتداء جميع الخلق ولا إعادتهم بعد إفنائهم ، وأن جميع ذلك من سعة قدرة الله كالنفس الواحدة . إذ المراد أن خلقها لا يشق عليه . وقوله { إن الله سميع } أي يسمع ما يقول القائلون في ذلك { بصير } بما يضمرونه في قوله { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } وفي ذلك تهديد على المخالفة فيه . ثم قال { ألم تر } يا محمد ، والمراد به جميع المكلفين { أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } قال قتادة : معناه ينقص من الليل في النهار ، ومن النهار في الليل . وقال غيره : معناه إن كل واحد منهما يتعقب الآخر { وسخر الشمس والقمر كل يجري } لأنهما يجريان على وتيرة واحدة لا يختلفان بحسب ما سخرهما له ، كل ذلك يجري { إلى أجل مسمى } قدره الله ان يفنيه فيه . وقال الحسن : الأجل المسمى القيامة { وإن الله } عطف على { ألم تر } فلذلك نصبه ، وتقديره : وتعلم { أن الله بما تعملون خبير } من قرأ بالياء - وهو عياش عن أبي عمرو - أراد الاخبار . ومن قرأ بالتاء حمله على الخطاب . وهو الأظهر . والمعنى { أن الله بما تعملون } معشر المكلفين { خبير } أي عالم ، فيجازيكم بحسب ذلك ليطابق قوله { ألم تر أن الله يولج الليل في النهار } ثم قال { ذلك بأن الله هو الحق } الذي يجب توجيه العبادة اليه { وأن ما تدعون من دونه الباطل } . ومن قرأ بالياء فعلى الاخبار عنهم . ومن قرأ بالتاء على وجه الخطاب . يقول الله تعالى : ألم تعلم ان ما يدعون هؤلاء الكفار من الاصنام هو الباطل . ومن قرأ بالياء فعلى : قل لهم يا محمد { وأن الله هو العلي الكبير } فالعلي هو الذي علا على الأشياء واقتدر عليها ، والكبير معناه العظيم في صفاته لا يستحق صفاته غيره تعالى . وذكر ابو عبيدة - في كتاب المجاز - ان البحر المذكور في الآية البحر العذب ، لأن المالح لا ينبت الاقلام .