Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 21-25)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ حمزة والكسائي ورويس { لما صبروا } بكسر اللام والتخفيف أى لصبرهم ، الباقون بالتشديد وفتح اللام بمعنى حين صبروا . اقسم الله تعالى في هذه الآية ، لان اللام في قوله { ولنذيقنهم } هي التي يتلقى بها القسم ، وكذلك النون الثقيلة ، بأنه يذيق هؤلاء الفساق الذين تقدم وصفهم العذاب الادنى بعض ما يستحقونه . وقيل : العذاب الأدنى هو العذاب الأصغر وهو عذاب الدنيا بالقتل والسبي والقحط والفقر والمرض والسقم وما جرى هذا المجرى . وقيل : هو الحدود . وقيل : عذاب القبر . عن جعفر بن محمد عليهما السلام : ان العذاب الادنى هو القحط ، والأكبر خروج المهدي بالسيف . والعذاب الاكبر عند المفسرين هو عذاب الآخرة بالنار التي يستفزع الانسان بالآلام وفي الأدنى معنى الأقرب . وقد يكون الأدنى من الاشياء في الحسن ، وهو أن يفعل على انه ليس فيه ظلم لاحد إذا فعل للشهوة ، والأدنى في القبح ما يفعل وفيه ظلم يسير اتباعاً للشهوة ، والاعلى في الحسن هو ما ليس فوقه ما هو اعلى منه يستحق به العبادة . والادنى في العذاب اكبر في الآلام ، لان العذاب استمرار الألم ، وليس فوق عذاب الكفر عذاب ، لأن عذاب الفسق دونه . وقال ابن عباس : وابي بن كعب والحسن : العذاب الأدنى مصائب الدنيا . وقال ابن مسعود : هو القتل يوم بدر . والعذاب الاكبر عذاب الآخرة . وهو قول الحسن ومجاهد وابن زيد وابن مسعود . وقوله { لعلهم يرجعون } إخبار منه تعالى أنه يفعل بهم ما ذكره من العذاب الأدنى ، ليرجعوا عن معاصي الله إلى طاعته ويتوبوا منها . وهو قول عبد الله وابي العالية وقتادة . ثم قال الله تعالى على وجه التقريع لهم والتبكيت { ومن أظلم } لنفسه بارتكاب المعاصي وإدخالها في استحقاق العقاب { ممن ذكر بآيات ربه } أي ينبه على حججه تعالى التي توصله إلى معرفته ومعرفة ثوابه ، { ثم أعرض عنها } جانباً ، ولم ينظر فيها . ثم قال { إنا من المجرمين } الذين يفعلون المعاصي بقطع الطاعات وتركها { منتقمون } بأن نعذبهم بعذاب النار . ثم اخبر تعالى فقال { ولقد آتينا موسى الكتاب } يعني التوراة { فلا تكن في مرية من لقائه } أي في شك من لقائه يعني لقاء موسى ليلة الاسراء بك إلى السماء - على ما ذكره ابن عباس - وقيل : فلا تكن في مرية من لقاء موسى في الآخرة ، وقال الزجاج : فلا تكن يا محمد في مرية من لقاء موسى الكتاب . والمرية الشك . وقال الحسن : فلا تكن في شك من لقاء الاذى ، كما لقي موسى كأنه قال : فلا تكن في شك من أن تلقى كما لقي موسى { وجعلناه هدى لبني إسرائيل } قال قتادة : وجعلنا موسى هادياً لبني اسرائيل ، وضع المصدر في موضع الحال . وقال الحسن : معناه جعلنا الكتاب هادياً لهم { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا } قال قتادة : معناه جعلنا منهم رؤساء في الخير يقتدى بهم يهدون إلى فعل الخير بأمر الله { لما صبروا } قيل : فيه حكاية الجزاء ، وتقديره قيل لهم : إن صبرتم جعلناكم أئمة ، فلما صبروا جعلوا أئمة - ذكره الزجاج - و { كانوا بآياتنا } أي بحججنا { يوقنون } أي لا يشكون فيه . واليقين وجدان النفس بالثقة على خلاف ما كانت عليه من الاضطراب والحيرة . ثم قال لنبيه { إن ربك } يا محمد { هو } الذي { يفصل بينهم يوم القيامة } أي يحكم بينهم ، يعني بين المؤمن والكافر والفاسق { في ما كانوا فيه يختلفون } في دار الدنيا من التصديق بالله وبرسوله والايمان بالبعث والنشور وغير ذلك .