Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-10)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ بن كثير والكسائي وحفص عن عاصم { الظنونا } بألف في الوقف دون الوصل . وقرأ نافع وابو جعفر وابو بكر عن عاصم وابن عامر - بالالف - فيهما وقرأ ابو عمرو ويعقوب وحمزة - بغير الف - فيهما وفي المصحف بألف . من أثبت الالف أثبته لأجل الفواصل التي يطلب بها تشاكل المقاطع ، ولأن الألف ثابتة في المصاحف ، فاتبعوا المصحف ، ومن حذف قال : لأن هذا الألف يكون بدلا من التنوين في حال الوقف ، فاذا دخلت الألف واللام اسقطت التنوين ، فسقط ايضاً ما هو بدل منه ، ولأن مثل ذلك إنما يجوز في القوافي وذلك لا يليق بالقرآن ، قال الشاعر : @ اقلي اللوم عاذل والعتابا [ وقولي ان اصبت لقد اصابا ] @@ اخبر الله تعالى ان " النبي " صلى الله عليه وآله { أولى بالمؤمنين من أنفسهم } بمعنى احق بتدبيرهم ، وبأن يختاروا ما دعاهم اليه . واحق بأن يحكم فيهم بما لا يحكم به الواحد في نفسه لوجوب طاعته التي هي مقرونة بطاعة الله ، وهو اولى في ذلك واحق من نفس الانسان ، لانها ربما دعته إلى اتباع الهوى ، ولأن النبي صلى الله عليه وآله لا يدعو إلا إلى طاعة الله ، وطاعة الله اولى ان تختار على طاعة غيره . وواحد الأنفس نفس ، وهي خاصة الحيوان الحساسة المدركة التي هي انفس ما فيه . ويحتمل ان يكون اشتقاقه من التنفس ، وهو التروح ، لان من شأنها التنفس به ، ويحتمل ان يكون مأخوذاً من النفاسة ، لأنها اجل ما فيه واكرمه . ثم قال { وأزواجه أمهاتكم } والمعنى أنهن كالامهات في الحرمة ، وتحريم العقد عليهن . ثم قال { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين } أولوا الارحام هم أولوا الأنساب . لما ذكر الله أن ازواج النبي أمهاتهم في الحكم من جهة عظم الحرمة ، قال { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } أي إلا ما بين الله في كتابه مما لا يجوز لازواج النبي صلى الله عليه وآله أن يدعين أمهات المؤمنين . وقال قتادة : كان الناس يتوارثون بالهجرة فلا يرث الاعرابي المسلم المهاجر حتى نزلت الآية . وقيل : إنهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة الاولى . ثم نسخ ذلك ، فبين الله تعالى أن " أولى الأرحام بعضهم أولي ببعض " أي من كان قرباه أقرب فهو أحق بالميراث من الأبعد ، وظاهر ذلك يمنع أن يرث مع البنت والام احد من الأخوة والاخوات ، لأن البنت والأم اقرب من الأخوة والاخوات ، وكذلك يمنع أن يرث مع الاخت أحد من العمومة والعمات وأولادهم ، لأنها اقرب ، والخبر المروي في هذا الباب أن ( ما أبقت الفرائض فلأولي عصبة ذكر ) خبر واحد مطعون على سنده ، لا يترك لأجله ظاهر القرآن الذي بين فيه ان أولي الارحام الأقرب منهم اولى من الابعد { في كتاب الله من المؤمنين } الموآخين والمهاجرين . وقوله { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً } استثناء منقطع ، ومعناه لكن إن فعلتم إلى أوليائكم معروفاً من المؤمنين وحلفائكم ما يعرف حسنه وصوابه فهو حسن ، ولا يكون على وجه نهى الله تعالى عنه ، ولا أذن فيه . وقال مجاهد معروفاً من الوصية لهم بشيء ، والعقل عنهم والنصرة لهم ، ولا يجوز أن يكونوا القرابة المشركين على ما قال بعضهم ، لقوله { لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } وقد أجاز كثير من الفقهاء الوصية للقرابات الكفار . وعندنا ان ذلك جائز للوالدين والولد . وقوله { كان ذلك في الكتاب مسطوراً } يعني أن ما ذكره الله كان مكتوباً في الكتاب المحفوظ اثبته الله وأطلع عليه ملائكته لما لهم في ذلك من اللطف فلا يجوز خلاف ذلك ، وقيل : مسطوراً في القرآن . و ( من ) يحتمل أمرين : احدهما - أن يكون دخلت لـ { أولى } أي بعضكم اولى ببعض من المؤمنين . والثاني - أن يكون التقدير ، وأولوا الأرحام من المؤمنين والمهاجرين أولى بالميراث . وقوله { وإذ أخذنا من النبيين } تقديره واذكر يا محمد حين اخذ الله من النبيين ميثاقهم ، قال ابن عباس : الميثاق العهد والميثاق الغليظ اليمين بالله تعالى على الوفاء بما حملوا . وقوله { ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقاً غليظاً } يعني ما عهد الله تعالى إلى الانبياء المذكورين وأمرهم به من اخلاص العبادة له ، وخلع الانداد من دونه ، والعمل بما أوجبه عليهم وندبهم اليه ، ونهاهم عن معاصيه ، والاخلال بواجباته . وقال البلخي : معناه ما أمرهم الله به من أداء الرسالة والقيام بها . وقوله { ليسأل الصادقين عن صدقهم } قال مجاهد : معناه فعل ذلك ليسأل الأنبياء المرسلين ما الذي أجاب به اممكم ، ويجوز ان يحمل على عمومه في كل صادق ، ويكون فيه تهديد للكاذب ، فان الصادق إذا سئل عن صدقه على اي وجه قال فيجازي بحسبه ، فكيف يكون صورة الكاذب . ثم قال { وأعد للكافرين عذاباً أليماً } أي اعد لهم عذاباً مؤلماً ، وهو عذاب النار - نعوذ بالله منها . ثم خاطب المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود } أي في حال ما جاءتكم جنود يعني يوم الاحزاب ، وهو يوم الخندق حيث اجتمعت العرب على قتال النبي صلى الله عليه وآله قريش وغطفان وبنو قريظة وتضافروا على ذلك { فأرسلنا عليهم } اي فارسل الله تعالى عليهم نصرة لنبيه ونعمة على المؤمنين { ريحاً } استقبلتهم ورمت في اعينهم الحصباء واكفئت قدورهم واطفئت نيرانهم ، وقلعت بيوتهم واطنابهم وارسل الله عليهم { جنوداً } من الملائكة نصرة للمؤمنين ، روى ذلك يزيد بن رومان { لم تروها } اي لم تروا الملائكة أنتم بأعينكم ، لانها اجسام شفافة لا يصح إدراكها { وكان الله بما تعملون بصيراً } من قرء بالياء اراد ان الله عالم بما يعمله الكفار . ومن قرأ بالتاء وجه الخطاب إلى المؤمنين . ثم قال واذكر { إذ جاؤكم } يعني جنود المشركين { من فوقكم } وهم عيينة بن حصين بن بدر في اهل نجد { ومن أسفل منكم } وهم ابو سفيان في قريش وواجهتهم قريظة ، وهو قول مجاهد : { وإذ زاغت الأبصار } أي اذكر إذ عدلت الابصار عن مقرها . قال قتادة معناه : شخصت من الخوف { وبلغت القلوب الحناجر } أي نأت عن أماكنها من الخوف . وقيل : قال المسلمون : يا رسول الله بلغت القلوب الحناجر فهل من شيء نقوله . قال : نعم قولوا " اللهم استر عورتنا وأمن روعتنا " فضرب الله وجوه أعدائه بريح الصبا ، فهزمهم الله بها ، والحناجر جمع حنجرة ، وهي الحلق ، قيل : لأن الرئة عند الخوف تصعد حتى تلحق بالحلق { وتظنون بالله الظنونا } قال الحسن : كانت الظنون مختلفة ، فظن المنافقون انه يستأصل ، وظن المؤمنون انه سينصر . وقيل : كانت الريح شديدة البرد تمنع المشركين من الحرب وكانت الملائكة تفقد بعضهم عن بعض .