Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 36-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وروح { والقمر قدرناه } رفعاً على الاستئناف لأن الفعل مشغول بالضمير العائد إلى القمر . وقال ابو علي : الأجود أن يكون رفعاً على تقدير وآية لهم القمر قدرناه ، لأنه اشبه بالجمل قبلها . ومن رفعه بالابتداء جعل ( لهم ) صفة للنكرة والخبر مضمر ، وتقديره { وآية لهم } في المشاهدة او الوجود ، ويكون قوله { الليل نسلخ منه النهار } تفسير للآية . الباقون بالنصب بتقدير فعل مضمر ، ما بعده تفسيره ، وتقديره : وقدرنا القمر قدرناه . يقول الله تعالى منزهاً نفسه ومعظماً لها ودالا بأنه هو الذي يستحق الحمد بما نبه بقوله { سبحان الذي } أي تنزيهاً للذي { خلق الأزواج كلها } أي تعظيماً وتبجيلا له بجميع ما خلق من الازواج ، وهي الاشكال ، والحيوان على مشاكلة الذكر للانثى ، وكذلك النخل والحبوب اشكال ، والتين والكرم ونحوه اشكال ، فلذلك قال { مما تنبت الأرض } يعني من سائر النبات { ومن أنفسهم } من الذكر والانثى { ومما لا يعلمون } مما لم يشاهدوه ولم يصل خبره اليهم . ثم قال { وآية لهم } يعني دلالة وحجة على صحة ذلك { الليل نسلخ منه النهار } أي نخرج منه النهار { فإذا هم مظلمون } أي داخلون في الظلمة لا ضياء لهم فيه بالشمس ، فالسلخ إخراج الشيء من لباسه ، ومنه إخراج الحيوان من جلده ، يقال سلخ يسلخ سلخاً فهو سالخ ، ومنه قوله { فانسلخ منها } أي فخرج منها خروج الشيء مما لابسه ، ثم قال { والشمس تجري لمستقر لها } آية اخرى . وقيل في معنى المستقر ثلاثة اقوال : احدها - لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا . الثاني - قال قتادة : لوقت واحد لها لا تعدوه ولا تختلف . الثالث - إلى ابعد منازلها في الغروب . وقال المبرد معنى { لمستقر لها } أي إلى . ومن قال الشمس لا تستقر بل تتحرك أبداً قال معنى { لمستقر لها } أنها كلما انتهت إلى منقلب الصيف عادت في الرجوع وإذا بلغت منقلب الشتاء عادت إلى الصعود . ثم قال { ذلك تقدير العزيز العليم } أي من قدر الشمس على ذلك إلا القادر الذي لا يضام ، العالم بما يفعله ؟ ، ثم قال { والقمر قدرناه } فمن رفع عطف على قوله { والشمس تجري } ومن نصب قدر له فعلا يفسره وقوله { قدرناه منازل } كل يوم ينزل منزلا غير المنزل الأول لا يختلف حاله إلى ان يقطع الفلك { حتى عاد كالعرجون القديم } فالعرجون العذق الذي فيه الشماريخ ، فاذا تقادم عهده يبس وتقوس ، فشبه به . وقال الفراء : العرجون ما بين الشماريخ إلى المنابت في النخلة من العذق ، والقديم الذي اشرف على حول . وقوله { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } حتى يكون نقصان ضوئها كنقصان القمر ، وقال ابو صالح : معناه لا يدرك احدهما ضوء الآخر ، وقيل معناه : { لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر } في سرعة سيره { ولا الليل سابق النهار } اي ولا يسبق الليل النهار . وقيل : إن احدهما لا يذهب إلى معنى الآخر وكل له مقادير قدرها الله عليه . ثم قال { وكل في فلك يسبحون } يعني الشمس والقمر والكواكب يسبحون في الفلك . وإنما جمعها بالواو والنون لها أضاف اليها افعال الآدميين . وقيل : الفلك مواضع النجوم من الهواء الذي يجري فيه . ومعنى يسبحون يسيرون فيه بانبساط ، وكل ما انبسط في شيء فقد سبح فيه ، ومنه السباحة في الماء .