Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 41-45)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل المدينة وابن عامر ويعقوب { ذرياتهم } على الجمع . الباقون { ذريتهم } على التوحيد . يقول الله تعالى ممتناً على خلقه بضروب نعمه ، ودالا لهم على وحدانيته بأن حمل ذريتهم في الفلك المشحون . وقيل : معنى { حملنا ذريتهم } أي قويناهم وهديناهم ، كما يقول القائل : حملني فلان إذا اعطاه ما يحمل عليه او هداه إلى ما يحمل عليه . ومن جمع { ذرياتهم } فلأن كل واحد له ذرية . ومن وحد فلأنه لفظ جنس يدل على القليل والكثير ، فالحمل منع الشيء أن يذهب إلى جهة السفل ، يقال : حمله حملا ، فهو حامل والشيء محمول . و ( الذرية ) فعلية من الذر . وقيل : هو مشتق من ( الذرء ) الذي هو الخلق . وقد بيناه في ما مضى والفلك السفن ، لأنها تدور في الماء ، ومنه الفلكة لأنها تدور بالمغزل والفلك لانه يدور بالنجوم ، وفلك ثدي المرأة إذا استدار و { المشحون } المملؤ يقال : شحنت الثغر بالرجال أشحنه شحناً إذا ملأته ، ومنه الشحنة ، لانه يملأ بهم البلد ، وإنما خص الذرية - وهم الصبيان والنساء - باللفظ ، لأنهم لا قوة لهم على السفر كما يقوى الرجال ، فسخر الله لهم السفن بما جعلها على الماء وعدل الريح ليمكن الحمل في البحر ، وجعل الأبل في البر . وقال قتادة والضحاك : المعني بقوله { حملنا ذريتهم في الفلك المشحون } سفينة نوح . و { خلقنا لهم من مثله ما يركبون } قال ابن عباس ، وهو قول مجاهد : ان المراد به الأبل وهي سفن البر . وقوله { وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم } معناه إنا لو شئنا إذا حملناهم في السفن أن نغرقهم فعلنا { فلا صريخ لهم } أي لا مغيث لهم ولا صارخ بالاستغاثة قال الشاعر : @ كنا إذا ما اتانا صارخ فزع كان الصراخ له قرع الطنابيب @@ أي لا شيء اعانته إلا الجد في نصرته ، والطنبوب عظم الساق . وقيل : معنى الصريخ المعين عند الصراخ بالاستغاثة ، وكأنه قال : لا معين لهم يعينهم عند ذلك { ولا هم ينقذون } أي ولا يخلصون ايضاً من الغرق إذا اردناه . وقوله { إلا رحمة منا } معناه إلا أن نرحمهم رحمة منا ونمتعهم { متاعاً } ويحتمل إلا لرحمة منا ، فيكون مفعولا له ، و { إلى حين } أي إلى وقت ما قدرناه لاهلاكهم وتقضي آجالهم ، ونخلصهم في الحال من اهوال البحر . وقوله { وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم } قال قتادة : معناه ما بين أيديكم من عذاب الله لمن خلا قبلكم اتقوا مثله باجتناب معاصيه { وما خلفكم } من أمر الساعة { لعلكم ترحمون } لكي ترحموا عند ذلك وحذف الجواب ، كأنه إذا قيل : لهم هذا اعرضوا . وقال مجاهد : معنى { ما بين أيديكم } هو ما يأتي من الذنوب اجتنبوه في المستقبل { وما خلفكم } يعني ما مضى من ذنوبكم تلافوه بالتوة لترحموا .