Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 61-65)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف ورويس { جبلا } بضم الجيم والباء خفيفة اللام . وقرأ نافع وابو جعفر وعاصم بكسر الجيم والباء مشددة . وقرأ ابو عمرو وابن عامر بضم الجيم ساكنة الباء خفيفة . هذه كلها لغات والمعنى واحد . قال النوري يقال : جُبلاّ وجِبلاّ وجبلا وجُبلا . وحكى غيره التشديد . لما حكى الله تعالى ما يقوله الكفار يوم القيامة ويواقفهم عليه من انه عهد اليهم أن لا تعبدوا الشيطان وانه عدوهم ، حكى انه كان أمرهم أيضاً بأن يعبدوا الله وأن عبادته صراط مستقيم ، فوصف عبادته تعالى بأنه طريق مستقيم من حيث كان طريقاً مستقيماً إلى الجنة . وانه لا تخليط فيه ولا تعريج . ثم قال { ولقد أضل منكم } يعني أضل عن الدين الشيطان منكم { جبلا كثيراً } أي خلقاً كثيراً وإضلاله إياهم هو إغواؤه لهم ، كما أضل السامري قوم موسى لما دعاهم إلى عبادة العجل ، فكان الاضلال على هذا الوجه قبيحاً ، فأما إضلال الله تعالى للكفار عن طريق الجنة إلى طريق النار او إضلالهم بمعنى الحكم عليهم بالضلال ، فهو حسن . وأمر الشيطان بالضلال الذي يقع معه القبول إضلال كما يسمى الأمر بالاهتداء الذي يقع عنده القبول هدى . وفي الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة في إرادة الله اضلالهم ، لان ذلك اضر عليهم من إرادة الشيطان واشد عليهم في إيجاد العداوة قبل أن يكفروا . و ( الجبل ) الجمع الذين جبلوا على خليقة ، وجبلوا أى طبعوا . وأصل الجبل الطبع ومنه جبلت التراب بالماء إذا صيرته طيناً يصلح أن يطبع فيه ، ومنه الجبل لأنه مطبوع على الثبات { أفلم تكونوا تعقلون } أنه يغويكم ويصدكم عن دين الحق فتنتبهون عليه ، فهو بصورة الاستفهام ومعناه الانكار عليهم والتبكيت لهم . ثم يقول الله لهم { هذه جهنم التي كنتم توعدون } بها في دار التكليف حاضرة تشاهدونها { اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون } معناه الزموا العذاب بها ، وأصل الصلو اللزوم فمنه المصلي الذي يجيء في أثر السابق للزومه أثره والصلوان مكتنفا ذنب الفرس للزومها وموضعها . وقولهم : صلى على عادتها للزومه الدعاء ، وسميت الصلاة صلاة للزوم الدعاء فيها . وقوله { بما كنتم تكفرون } أي جزاء على كفركم بالله وجحدكم لوحدانيته وتكذيبكم انبياءه . ثم اخبر تعالى بأنه يختم على افواه الكفار يوم القيامة فلا يقدرون على الكلام والنطق { وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } قيل : في معنى شهادة الأيدى قولان : احدهما - إن الله تعالى يخلقها خلقة يمكنها أن تتكلم وتنطق وتعترف بذنوبها . والثاني - انه يجعل الله فيها كلاماً ونسبه اليها لما ظهر من جهتها ، وقال قوم : انه يظهر فيها من الامارات ما تدل على ان اصحابها عصوا وجنوا بها أقبح الجنايات فسمى ذلك شهادة ، كما يقال : عيناك تشهد لسهرك ، وقال الشاعر : @ امتلأ الحوض وقال قطني مهلا رويداً قد ملأت بطني @@ وغير ذلك مما قد بيناه في ما تقدم ، وكل ذلك جائز ، وقال آخر :