Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 161-170)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الحسن { صائل الجحيم } بالرفع وهي تحتمل شيئين : احدهما . الجمع . والثاني - القلب ، كقولهم : شاك ، وشائك في السلاح ، وهار وهائر . الباقون { صال } بكسر اللام على وزن ( فاعل ) . هذا خطاب من الله تعالى للكفار الذين كانوا يعبدون الاصنام بأن قال لهم { فإنكم وما تعبدون } فموضع ( ما ) نصب عطفاً على الكاف والميم ، وهو في موضع نصب بـ ( أن ) والتقدير إنكم يا معشر الكفار والذين تعبدونه { ما أنتم عليه بفاتنين } وقال الفراء : تقديره ، وإنكم وآلهتكم ما أنتم عليه بفاتنين أي بمفتنين { وما أنتم عليه } أي وما أنتم على ذلك الدين بمصلين عليه وبه وله سواء في المعنى . وأهل نجد يقولون : أفتنت ، وأهل الحجاز فتنت أي لستم عليه بفاتنين ، والفاتن الداعي إلى الضلالة بتزيينه له ، فكل من دعا إلى عبادة غير الله بالاغواء والتزيين فاتن ، لانه يخرجه إلى الهلاك ، وأصل الفتنة من قولهم : فتنت الذهب بالنار إذا أخرجته إلى حال الخلاص { وفتناك فتوناً } أي أخرجناك بالأمر الحق إلى حال الخلاص . وقوله { إلا من هو صال الجحيم } أي لستم تفتنون إلا من يصلى الجحيم ، ومعناه إلا من يلزم النار ويحترق بها ، ومنه المصطلي ، وهو المستدفئ بالنار ، ومنه الصلاة للزوم الدعاء فيها ، والمصلي الذي يجيء بعد السابق للزومه أثره . والمعنى ان من يقبل من هذا الفاتن وينقاد له ، فهو يصلى الجحيم . وقوله { وما منا إلا له مقام معلوم } معناه ما منا ملك إلا له مقام ، فحذف ومعناه لا يتجاوز ما أمر به ورتب له ، كما لا يتجاوز صاحب المقام مقامه الذي حدّ له ، فكيف يجوز ان يعبد من هو بهذه الصفة ، وهو عبد مربوب ووصف المقام بأنه معلوم ، لأنه معلوم لله على ما تقتضيه الحكمة ، وهو محدود لا يتجاوز ما علم منه ولا يخرج منه . وقوله { وإنا لنحن الصافون } قيل : صافون حول العرش ينتظرون الأمر والنهي من الله تعالى ، وقيل : الصافون في الصلاة : وقوله { وإنا لنحن المسبحون } معناه المصلون من قولهم : فرغت من سبحتي أي من صلاتي ، وسميت الصلاة تسبيحاً لما فيها من تسبيح الله وتعظيم عبادته . و { المسبحون } القائلون سبحان الله على وجه التعظيم له تعظيم العبادة ، وقوله { وإن كانوا ليقولون } فـ ( إن ) هذه المخففة من الثقيلة بدلالة دخول اللام في خبرها ، كما قال { وإن ربك ليحكم بينهم } ويلزمها هذه اللام ليفرق بين ( إن ) الثقيلة والخفيفة التي للجحد في مثل قوله { إن الكافرون إلا في غرور } والمعنى إن هؤلاء الكفار كانوا يقولون { لو أن عندنا ذكراً } أي كتاباً فيه ذكر من كتب الأولين الذي أنزله على انبيائه . وقيل : يعني علماً يسمى العلم ذكراً ، لان الذكر من اسبابه ، فسمى بأسمه { من الأولين } الذين تقدمونا وما فعل الله بهم { لكنا } نحن ايضاً من { عباد الله المخلصين } الذين أخلصوا العبادة له ، فجعلوا العذر في امتناعهم من الايمان أنهم لا يعرفون اخبار من تقدمهم ، وهل حصلوا في جنة او نار ، فقال الله تعالى { فكفروا به } يعني بالذكر ، لأنهم طلبوا كتاباً كما للاولين التوراة دالا على توحيد الله ، فلما جاءهم القرآن كفروا به ، وبمن جاء بالقرآن - في قول ابن عباس والسدي - فهددهم الله على هذا ، الكفر فقال { فسوف يعلمون } في ما بعد إذا عاقبناهم بعقاب النيران .