Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 51-55)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى مخبراً عن حال هؤلاء الكفار في الآخرة وما يصيرون اليه فقال { فأصابهم سيئآت ما كسبوا } قيل في معناه قولان : احدهما - فاصابهم عقاب سيئآت ما كسبوا وحذف المضاف واقام المضاف اليه مقامه لدلالة الكلام عليه . الثاني - انه اراد فأصابهم عقاب ما كسبوا من المعاصي وسماه سيئآت لازدواج الكلام ، كما قال { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ثم قال { والذين ظلموا من هؤلاء } يعني من كفار قوم النبي صلى الله عليه وآله { سيصيبهم } أيضاً { سيئآت ما كسبوا وما هم بمعجزين } أي ليس يفوتون الله ، ثم قال على وجه التنبيه لهم على معرفته { أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء } أي يوسعه على من يشاء من عباده بحسب ما يعلم من مصلحته { ويقدر } أي ويضيق على من يشاء منهم بمثل ذلك { إن في تلك لآيات } أي دلالات واضحات { لقوم يؤمنون } أي يصدقون بتوحيد الله ويقرون بأنبيائه . وأضاف الآيات إلى المؤمنين لأنهم الذين انتفعوا بها ، ثم قال { قل } لهم يا محمد { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } بارتكاب المعاصي { لا تقنطوا من رحمة الله } أي لا تيأسوا من رحمة الله يقال : قنط يقنط قنوطاً إذا يئس { إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم } وفى ذلك دلالة واضحة على انه يجوز ان يغفر الله بلا توبة تفضلا منه وبشفاعة النبى صلى الله عليه وآله لانه لم يشرط التوبة بل أطلقها . وروي عن فاطمة عليها السلام أنها قالت : إن الله يغفر الذنوب جميعاً ولا يبالي . وروي عن علي عليه السلام وابن عباس : أنهما قالا : إن لأرجى آية في كتاب الله قوله { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } فقال عبد الله بن عمرو بن العاص بل أرجى آية في كتاب الله قوله { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } وهو المروي عن علي ايضاً . وقوله { وأنيبوا إلى ربكم } امر مستأنف من الله لخلقه بالرجوع إلى الله والتوبة من معاصيهم . والانابة هي الرجوع { وأسلموا له } معناه آمنوا به وسلموا لاوامره { من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون } عند نزول العذاب بكم { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } إنما قال { أحسن ما أنزل } لأنه اراد بذلك الواجبات والنفل التي هي الطاعات دون المباحات والمقبحات التي لا يأمر بها . وقال السدي { أحسن } أي ما أمر الله تعالى به في الكتاب ، وقال قوم { أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } يريد به الناسخ دون المنسوخ ، وهذا خطأ ، لان المنسوخ لا يجوز العمل به بعد النسخ وهو قبيح ، ولا يكون الحسن أحسن من قبيح ، وقال الحسن احسنه ان يأخذوا بما أمرهم الله به وأن ينتهوا عما نهاهم عنه { من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة } أي فجأة في وقت لا تتوقعونه { وأنتم لا تشعرون } أي لا تعرفون وقت نزوله بكم .