Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 56-60)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو جعفر من طريق ابن العلاف " يا حسرتاي " بياء ساكنة بعد الألف . وفتح الياء النهرواني عن أبي جعفر . الباقون بلا ياء . لما امر الله تعالى باتباع طاعاته والانتهاء عن معاصيه تحذيراً من نزول العذاب بهم بغتة وهم لا يعلمون ، بين الغرض بذلك وهو لئلا تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ، وحذف ( لا ) كما حذف من قوله { يبين الله لكم أن تضلوا } وقال الزجاج : معناه كراهية أن تقول نفس ، ومثله قوله { وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم } في قول الفراء . وعلى قول الزجاج : كراهية ان تميد بكم ، والنفس نفس الانسان . والفرق بين النفس والروح أن النفس من النفاسة ، والروح من الريح . وأنفس ما في الحيوان نفسه ، وهي جسم رقيق روحاني من الريح ، ونفس الشيء هو الشيء بعينه . والتفريط إهمال ما يجب ان يتقدم فيه حتى يفوت وقته ، ومثله التقصير ، وضده الأخذ بالحزم ، يقال : فلان حازم وفلان مفرط . وقوله { في جنب الله } معناه فرطت في طاعة الله او في أمر الله إلا أنه ذكر الجنب كما يقال : هذا صغير في جنب ذلك الماضي في أمره ، وفي جهته ، فاذا ذكر هذا دلّ على الاختصاص به من وجه قريب من معنى جنبه . وقال مجاهد والسدي : معنى { في جنب الله } أي في أمر الله . والألف في قوله { يا حسرتى } منقلبة عن ( ياء ) الاضافة . ويفعل ذلك في الاستفهام والاستغاثة بمدّ الصوت . والتحسر الاغتمام على ما فات وقته لانحساره عنه بما لا يمكنه إستدراكه ، ومثله التأسف . وقوله { وإن كنت لمن الساخرين } قال قتادة والسدي : معناه المستهزئين بالنبي والكتاب الذي معه . وقيل : معناه كنت ممن يسخر بمن يدعوني إلى الايمان ، ومعناه وما كنت إلا من جملة الساخرين إعترافاً منهم على نفوسهم . وقوله تعالى { أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين } معناه فعلنا ذلك لئلا يقول : لو أراد الله هدايتي لكنت من المتقين لمعاصيه خوفاً من عقابه { أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين } ومعناه إنا فعلنا ذلك لئلا يتمنوا إذا نزل بهم البلاء والعذاب يوم القيامة لو أن لي رجعة إلى دار الدنيا لكنت ممن يفعل الطاعات . ونصب { فأكون } على انه جواب ( لو ) ويجوز أن يكون نصباً باضمار ( ان ) بمعنى لو أن لي كرة فان اكون . وفي ذلك دليل على بطلان مذهب المجبرة في أن الكافر لا يقدر على الايمان لأنه لو كان إذا رد لا يقدر إلا على الكفر لم يكن لتمنيه معنى . ثم قال تعالى منكراً عليهم { بلى قد جاءتك آياتي } أي حججي ودلالاتي { فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين } الجاحدين لنعمي عليك . وإنما خاطب بالتذكير والنفس مؤنثة لأنه أراد يا إنسان . ثم اخبر تعالى عن حال الكفار في الآخرة ، فقال { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة } جزاء على كفرهم . ثم قال { أليس في جهنم مثوى } أي موضع إقامة { للمتكبرين } الذين تكبروا عن طاعة الله وعصوا أوامره .