Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 101-101)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى قوله : { وإذا ضربتم في الأرض } إذا سرتم فيها فليس عليكم جناح يعني حرج ولا اثم ان تقصروا من الصلاة يعني من عددها فتصلوا الرباعيات ركعتين . وظاهر الآية يقتضي أن التقصير لا يجوز إلا إذا خاف المسافر ، لأنه قال { إن خفتم أن يفتنكم } ولا خلاف اليوم أن الخوف ليس بشرط ، لأن السفر المخصوص بانفراده سبب للتقصير . والظاهر يقتضي ان التقصير جائز لا اثم فيه . ويقتضي ذلك انه يجوز الاتمام ، وعندنا وعند كثير من الفقهاء أن فرض المسافر مخالف لفرض المقيم ، وليس ذلك قصراً ، لاجماع أصحابنا على ذلك . ولما روي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) انه قال : " فرض المسافر ركعتان غير قصر " وأما الخوف بانفراده فعندنا يوجب القصر . وفيه خلاف وقد روي عن ابن عباس أن صلاة الخائف قصر من صلاة المسافر . وانها ركعة ركعة . وقال قوم : معنى قوله : { ليس عليكم جناح أن تقصروا } يعني من حدود الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا . وهو الذي رواه أصحابنا في صلاة شدة الخوف . وأنه يصلي إيماء والسجود اخفض من الركوع . فان لم يقدر فان التسبيح المخصوص يكفي عن كل ركعة . ثم أخبر تعالى أن الكافرين يعني الجاحدين لتوحيد الله ونبوة نبيه فقد أبانوا عداوتهم لكم بماصبتهم لكم الحرب على عبادتكم الله ، وترككم عبادة الاوثان . وفي قصر الصلاة ثلاث لغات تقول : قصرت الصلاة أقصرها وهي لغة القرآن . وقصرتها تقصيراً ، واقصرتها إقصاراً . واختلف أهل التأويل في قصر الصلاة فقال قوم : هي قصر من صلاة الحاضر ما كان يصلي أربع ركعات أذن له في قصرها ، فيصليها ركعتين . ذهب إليه يعلى ابن أمية ، وعمر بن الخطاب . وإن يعلى قال لعمر كيف نقصر الصلاة وقد أمنا فقال عمر : عجبت مما عجبت منه ، فسألت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن ذلك فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " وبه قال ابن جريج وقتادة . وفي قراءة أبي { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا } ولا يقرأ { إن خفتم } ومعنى هذه القراءة الا يفتنكم الذين كفروا وحذف ( لا ) كما حذف في قوله : { يبين الله لكم أن تضلوا } ومعناه ألا تضلوا . وقال قوم : القصر لا يجوز إلا مع الخوف روي ذلك عن عائشة ، وسعد بن أبي وقاص . وقال قوم : عنى بهذه الآية قصر صلاة الخوف في غير حال المسابقة ، وفيها نزلت . ذهب إليه مجاهد وغيره . وقال آخرون : عنى بها قصر الصلاة صلاة الخوف في حال غير شدة الخوف . وعنى به قصر الصلاة من صلاة السفر لا من صلاة الاقامة ، لأن صلاة السفر عندهم ركعتان تمام غير قصر ، كما قلناه - ذهب إليه السدي ، وابن عمر ، وسعيد بن جبير ، وجابر بن عبد الله ، وكعب - وكان من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قطعت يده يوم اليمامة وحذيفة بن اليمان ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، وثعلبة ابن زهدم اليربوعي وكان من الصحابة - وأبو هريرة . وروي عن ابن عباس في رواية اخرى إن القصر المراد به صلاة شدة الخوف تقصر من حدودها وتصليها إيماء وهو مذهبنا . وأما حدّ السفر الذي يجب فيه التقصير فعندنا انه ثمانية فراسخ . وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : مسيرة ثلاثة أيام . وقال الشافعي ستة عشر فرسخاً ثمانية وأربعين ميلا . وقال قوم : يجب في قليل السفر وكثيره . بينا الخلاف فيه في كتاب الخلاف . وانما قال في الاخبار عن الكافرين انهم عدو ، ولم يقل أعداء لأن لفظة فعول وفعيل تقع على الواحد والجماعة ، وفتنت الرجل أفتنه فهو مفتون لغة أهل الحجاز وتميم وربيعة . وأهل نجد كلهم وأسد يقولون : أفتنت الرجل فهو فاتن . وقد فتن فتوناً : إذا دخل في الفتنة .