Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 102-102)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { إذا كنت فيهم } معناه في الضاربين في الارض من أصحابك يا محمد الخائفين عدوهم أن يفتنوهم ، فأقمت لهم الصلاة يعني أتممت لهم الصلاة بحدودها وركوعها وسجودها ، ولم تقصرها القصر الذي يجب في صلاة شدة الخوف من الاقتصار على الايماء . فلتقم طائفة من أصحابك الذين كنت فيهم معك في صلاتك وليكن سائرهم في وجه العدو . ولم يذكر ما ينبغي أن تفعله الطائفة غير المصلية لدلالة الكلام عليه { وليأخذوا أسلحتهم } قال قوم : الفرقة المامورة بأخذ السلاح هي المصلية مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والسلاح مثل السيف يتقلد به والخنجر يشده إلى درعه وكذلك السكين ونحو ذلك من سلاحه وهو الصحيح . وقال ابن عباس الطائفة المأمورة بأخذ السلاح هي التي بازاء العدو دون المصلية ، فاذا سجدوا يعني الطائفة التي قامت معك مصلية بصلاتك ، وفرغت من سجودها فليكونوا من ورائكم يعني فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم مصافين للعدو . وعندنا انهم يحتاجون أن يتموا صلاتهم ركعتين ، والامام قائم في الثانية ثم ينصرفون إلى موضع أصحابهم ويجيء ، الآخرون فيستفتحون الصلاة فيصلي بهم الامام الركعة الثانية ، ويطيل تشهده حتى يقوموا فيصلوا بقية صلاتهم ثم يسلم بهم الامام . ومن قال : إن صلاة الخائف ركعة ، قال : الأولون إذا صلوا ركعة فقد فرغوا . وكذلك الفرقة الثانية . وروى ذلك أبو الجارود عن أبي جعفر ( ع ) . ورواه مسلمة عن أبي عبد الله ( ع ) وهذا عندنا انما يجوز في صلاة شدة الخوف . وفي الناس من قال : ان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يسلم بهم ثم يقومون فيصلون تمام صلاتهم . وقد بينا اختلاف الفقهاء في مسائل الخلاف في صلاة الخوف . وقوله : { وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم } يعني الطائفة الثانية يأخذون السلاح والحذر في حال الصلاة . وذلك يبين ان المأمورة بأخذ السلاح في الأول هم المصلون دون غيرهم . وقوله : { ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم } معناه تمنى الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم وتشتغلون عن أخذها تأهباً للقتال وعن أمتعتكم التي بها بلاغكم في أسفاركم فتسهون عنها { فيميلون عليكم ميلة واحدة } معناه يحملون عليكم ، وأنتم متشاغلون بصلاتكم عن أسلحتكم ، وأمتعتكم حملة واحدة فيصيبون منكم غرة فيقتلونكم ، ويستبيحون عسكركم ، وما معكم . والمعنى لا تشاغلوا باجمعكم بالصلاة عند مواقفة العدو ، فتمكنوا عدوكم من أنفسكم ، وأسلحتكم ، ولكن أقيموها على ما بينت . وخذوا حذركم باخذ السلاح . ومن عادة العرب أن يقولوا : ملنا عليهم بمعنى حملنا عليهم . قال العباس بن عبادة بن نصلة الانصاري لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليلة العقبة الثانية : والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن غداً على أهل منى باسيافنا فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " لم نؤمر بذلك " يعني في ذلك الوقت وقوله : { ولاجناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم } معناه لا جرم عليكم ولا اثم إن كان بكم أذى من مطر يعني إن نالكم من مطر ، وأنتم مواقفو عدوكم ، أو كنتم مرضى يعني أعلاء ، أو جرحى ان تضعوا اسلحتكم إذا ضعفتم عن حملها ، لكن إذا وضعتموها ، فخذوا حذركم . يعني احترسوا منهم أن يميلوا عليكم وأنتم غافلون غارون ، ثم قال : { إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً } يعني عذاباً مذلا يبقون فيها أبداً . وقيل { وإن كنتم مرضى } نزلت في عبد الرحمن بن عوف وكان جريحاً . ذكره ابن عباس . واللام في قوله : { فلتقم } لام الأمر وهي تجزم الفعل . ومن حقها أن تكون مكسورة إذا ابتدىء بها . وبنو سليم يفتحونها . يقولون : ليقم زيد . كما تنصب تميم لام كي يقولون جئت لآخذ حقي . فاذا اتصلت بما قبلها من الواو والفاء جاز تسكينها وكسرها . ذكره الفراء . وقال : { طائفة أخرى } ولم يقل : آخرون ، ثم قال : { لم يصلوا فليصلوا معك } ولم يقل : فلتصل معك حملا للكلام تارة على اللفظ وأخرى على المعنى كما قال : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } ولو قال : اقتتلنا لكان جائزاً ومثله { فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة } وفي قراءة أبي : حق عليه الضلالة ومثله { نحن جميع منتصر } ولم يقل منتصرون ومثله كثير . وفي الآية دلالة على نبوة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . وذلك ان الآية نزلت والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) بعسفان والمشركون بضجنان ، فتواقفوا فصلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأصحابه صلاة الظهر بتمام الركوع ، والسجود فهم بهم المشركون أن يغيروا عليهم ، فقال بعضهم : لهم صلاة أخرى أحب إليهم من هذه يعنون العصر ، فأنزل الله عليه الآية فصلى بهم العصر صلاة الخوف ، ويقال : إنه كان ذلك سبب اسلام خالد بن الوليد ، لأنه كان هم بذلك فعلم أنه ما أطلع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على ما هموا به غير الله تعالى فأسلم وفي الناس من قال : من حكم صلاة الخوف اختص به النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقال آخرون - وهوالصحيح - انه يجوز لغيره .