Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 17-17)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : التوبة هي الندم على القبيح مع العزم على ألا يعود إلى مثله في القبح ، وفي الناس من قال : يكفي الندم على ما مضى من القبيح ، والعزم على ألا يعود إلى مثله ، والاول أقوى ، لاجماع الأمة على أنها إذا حصلت على ذلك الوجه أسقطت العقاب ، وإذا حصلت على الوجه الثاني ففي سقوط العقاب عنها خلاف ، وقد ذكر الله تعالى في هذه الآية أن التوبة إنما يقبلها ممن يعمل السوء بجهالة ، وقيل في معنى بجهالة أربعة أقوال : أحدها - قال مجاهد ، وقتادة ، وابن عباس ، وعطا ، وابن زيد : هو أن يفعلوها على جهه المعصية لله تعالى ، لأن كل معصية لها جهالة ، لأنه يدعو اليها الجهل ، ويزينها للعبد ، وإن كانت عمدا . الثاني - بجهالة ، أي بحال كحال الجهالة ، التي لا يعلم صاحبها ما عليه في مثلها من المضرة . الثالث - قال الفراء : معنى { بجهالة } أي لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبة ، كما يعلم الشيء ضرورة . الرابع - { بجهالة } أي وهم يجهلون أنها ذنوب ومعاصي ، اختاره الجبائي ، قال : يفعلونها بجهالة إما بتأويل يخطؤن فيه . أو بان يفرطوا في الاستدلال على قبحها ، قال الرماني : هذا ضعيف ، لأنه تأويل بخلاف ما أجمع عليه المفسرون ، قال أبو العالية : إن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كانوا يقولون : كل ذنب أصابه عبد فبجهالة ، وقال قتادة : أجمع أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على ذلك ، وأيضا فانه يوجب أن من علم أنها ذنوب أن لا يكون له توبة ، لأن قوله : { إنما التوبة } يفيد أنها لهؤلاء دون غيرهم ، وظاهر الآية يدل على أن الله يقبل التوبة من جميع المعاصي كفراً كان أو قتلا أو غيرهما من المعاصي ، ويقربه أيضاً قوله : { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق … } إلى قوله : { إلا من تاب } فاستثنى من القتل ، كما استثنى من الزنا والشرك ، وحكي عن الحسن أنه قال : لا يقبل الله توبة القاتل . وروي أنه إنما قال ذلك لرجل كان عزم على قتل رجل على أن يتوب فيما بعد ، فأراد صده عن ذلك . وقوله { فأولئك يتوب الله عليهم } بعد قوله { ثم يتوبون من قريب } معناه إن الله يقبل توبتهم إذا تابوا وأنابوا ، وقوله : { من قريب } حث على أن التوبة يجب أن تكون عقيب المعصية ، خوفا من الاخترام ، وليس المراد بذلك أنها لو تأخرت لما قبلت . وقال الزجاج : معناه ثم يتوبون قبل الموت ، لأن ما بين الانسان وبين الموت قريب ، والتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت . وقال الحسن ، والضحاك ، وابن عمر : القريب ما لم يعاين الموت . وقال علي ( ع ) ، وقد قيل له : فان عاد ؟ قال : يغفر الله له ويتوب ، مراراً ، قيل : إلى متى ؟ قال : حتى يكون الشيطان هو المحسور . وقال السدي ، وابن عباس : في حال الصحة قبل الموت . وقوله : { وكان الله عليماً حكيماً } معناه ها هنا : وكان الله عليما بتوبتهم إن تابوا ، وإصرارهم إن أصروا ، حكيما في مؤاخذتهم إن لم يتوبوا . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " لما هبط إبليس قال : وعزتك وعظمتك ، لا أفارق ابن آدم حتى تفارق روحه جسده ، فقال الله : وعزتي وعظمتي لا أحجب التوبة عن عبدي حتى يغرغر " .