Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 18-18)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يقبل التوبة من الذي يعمل المعاصي حتى إذا حضره الموت قال : إني تبت الآن ، وأجمع أهل التأويل على أن الآية تناولت عصاة أهل الصلاة ، إلا ما حكي عن الربيع أنه قال : إنها في المنافقين ، وهذا غلط لأن المنافقين كفار ، وقد بين الله الكفار بقوله : { ولا الذين يموتون وهم كفار } وقال الربيع أيضاً : إن الآية منسوخة بقوله : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وهذا خطأ لأن النسخ لا يدخل في الخبر الذي يجري هذا المجرى ، ومن جوز العفو بلا توبة يمكنه أن يقول : إن التوبة التي وعد الله باسقاط العقاب عندها قطعا متى حصلت في هذا الوقت لا يسقط العقاب ، ولا يمنع ذلك من أن يتفضل الله باسقاط العقاب ابتداء بلا توبة ، كما لو خرج من دار الدنيا من غير توبة أصلا ، لم يمنع ذلك من جواز العفو عنه ، فليس في الآية ما ينافي القول بجواز العفو من غير توبة . وقال جميع المفسرين ، كابن عباس ، وابن عمر ، وابراهيم ، وابن زيد ، وغيرهم : إن الذين يحتضرون لا تقبل لهم توبة ، غير إن الذين يحضرون الميت لا يعرفون تلك الحال معرفة يمكن بها الاشارة إليها . فان قيل : فلم لم تقبل التوبة في الآخرة ؟ قيل : لرفع التكليف ، وحصول الالجاء إلى فعل الحسن دون القبيح ، والملجأ لا يستحق بفعله ثواباً ولا عقاباً ، لأنه يجري مجرى الاضطرار . وحكي الرماني عن قوم أنهم قالوا بتكليف أهل الآخرة ، وان التوبة إنما لم يجب قبولها ، لأن صاحبها هناك في مثل حال المتعوذ بها ، لا المخلص فيها ، وهذا خطأ ، لأن الله تعالى يعلم أسرارهم كما يعلم إعلانهم . وقوله : { أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً } معناه أعددنا ، وقال قوم : التاء بدل من الدال ، وقال آخرون هو أفعلنا من العتاد ، ومعناه اعددنا ، وعتاد الرجل : عدته ، وهو الأصل . والشيء العتيد هو المعد ، والعتيدة : طبلة معدة للطيب ، ومعنى إعداد العذاب لهم ، إنما هو بخلق النار التي هي مصيرهم . والاليم بمعنى المؤلم . وليس في الآية ما يمنع من جواز العفو عن مرتكبي الكبائر بلا توبة ، لأن قوله : { أولئك } يحتمل أن يكون راجعاً إلى الكفار لأنه جرى ذكر الكفار وهم أقرب إلى أولئك من ذكر الفساق ، ويحتمل أن يكون التقدير : أعتدنا لهم عذاباً ، إن لم نشأ العفو عنهم ، وتكون الفائدة فيه إعلامهم ما يستحقونه من العذاب ، وألا يأمنوا أن يفعل بهم ذلك ، وإن كان تعالى يعلم هل يعفو أو لا يعفو .