Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 29-29)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة ، والاعراب : قرأ أهل الكوفة : { تجارة } نصباً ، الباقون : بالرفع ، فمن رفع ذهب إلى أن معناه : إلا أن تقع تجارة ، ومن نصب فمعناه : إلا أن تكون الأموال تجارة ، أو أموال تجارة ، وحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه ، ويكون الاستثناء منقطعاً ، ويجوز أن يكون التقدير : إلا أن تكون التجارة تجارة ، كما قال الشاعر : @ إذا كان يوماً ذا كواكب أشنعا @@ وتقديره : إذا كان اليوم يوماً ذا كواكب ، ذكره أبو علي النحوي . وقال الرماني التقدير : إلا أن تكون الاموال تجارة ، ولم يبين . والقول ما قال أبو علي ، لأن الأموال ليست تجارة . ومن شأن خبر كان أن يكون هو إسمها في المعنى . وقيل : الرفع إقوى ، لأنه أدل في الاستثناء على الانقطاع ، فان التحريم لأكل المال بالباطل على الاطلاق . وفي الناس من زعم أن نصبه على قول الشاعر : @ إذا كان طعناً بينهم وعناقا @@ أي إذا كان الطعن طعناً . قال الرماني : وهذا ليس بقوي ، لأن الاضمار قبل الذكر ليس يكثر في مثل هذا ، وإن كان جائزاً ، فالرفع يغني عن الاضمار فيه . المعنى : وفي معنى قوله : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } قولان : أحدهما - قال السدي : بالربا ، والقمار ، والبخس ، والظلم ، وهو المروي عن أبي جعفر ( ع ) . الثاني - قال الحسن : بغير استحقاق من طريق الأعواض . وكان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعدما نزلت هذه الآية ، إلى أن نسخ ذلك بقوله في سورة النور : { ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم … } إلى قوله : { جميعاً أو أشتاتاً } والأول أقوى ، لأن ما أكل على وجه مكارم الأخلاق فليس هو أكل بالباطل . وقيل : معناه التخاون ، ولذلك قال : { بينكم } . وقوله : { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } فيه دلالة على بطلان قول من حرم المكاسب ، لأنه تعالى حرم أكل الأموال بالباطل ، وأحله بالتجارة على طريق المكاسب . ومثل قوله : { وأحل الله البيع وحرم الربا } وقيل في معنى التراضي بالتجارة قولان : أحدهما - إمضاء البيع بالتفرق ، أو بالتخاير بعد العقد في قول شريح ، وابن سيرين ، والشعبي ، لقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون بيع خيار " وربما قالوا : أو يقول أحدهما للآخر اختر ، وهو مذهبنا . الثاني - إمضاء البيع بالعقد - على قول مالك بن أنس ، وأبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد - بعلة رده إلى عقد النكاح ، ولا خلاف أنه لا خيار فيه بعد الافتراق ، وقيل : معناه إذا تغابنوا فيه مع التراضي فانه جائز . وقوله : { ولا تقتلوا أنفسكم } قيل فيه ثلاثة أقوال : أحدها - قال عطاء ، والسدي ، وأبو علي الجبائي ، والزجاج : لا يقتل بعضهم بعضاً من حيث كانوا أهل دين واحد ، فهم كالنفس الواحدة ، كما يقول القائل : قتلنا ورب الكعبة ، ومعناه قتل بعضنا ، لأنه صار كالقتل لهم ، ومثله قوله : { فاذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم } الثاني - قال البلخي : فيه نهي عن قتل نفسه في حال غضب ، أو زجر ، والأول أقوى ، لأنه أكثر وأغلب ، وأيضاً فانه إذا حرم عليه قتل غيره من أهل دينه ، لأنه بمنزلة قتل نفسه ، فقد حرم عليه قتل نفسه . الثالث - قال قوم : معناه : لا تقتلوا أنفسكم ، بأن تهلكوها بارتكاب الآثام ، والعدوان في أكل المال بالباطل ، وغيره من ارتكاب المعاصي ، التي تستحقون بها العقاب . وروي عن أبي عبد الله ( ع ) : أن معناه لا تخاطروا بنفوسكم في القتال ، فتقاتلون من لا تطيقونه . وقوله : { إن الله كان بكم رحيماً } قال ابن عباس : كان صلة ، والمعنى إن الله غفور رحيم ، ويحتمل أن يكون المراد : { إن الله كان بكم رحيماً } حيث كلفكم الامتناع من أكل المال بالباطل الذي يؤدي إلى العقاب ، وحرم عليكم قتل نفوسكم التي حرمها عليكم ، ويعلم انه رحيم فيما بعد بدليل آخر .