Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 97-99)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية نزلت في قوم أظهروا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) الاسلام بمكة ، فلما هاجر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهاجر أصحابه فتنوهم آباؤهم عن دينهم فافتتنوا وخرجوا مع المشركين يوم بدر فقتلوا كلهم . وقيل : انهم كانوا خمسة نفر . قال عكرمة : هم قيس بن الفاكة بن المغيرة ، والحارث بن زمعة بن الاسود بن أسد ، وقيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو العاص بن ميتة بن الحجاج ، وعلي بن أمية بن خلف . وذكر أبو الجارود عن أبي جعفر ( ع ) مثله ، فانزل الله فيهم الآيات . وقال ( ع ) : ان الذين توفاهم الملائكة يعني قبض أرواحهم { ظالمي أنفسهم } نصب على الحال يعني في حال هم فيها ظالموا نفوسهم بمعنى بخسوها حقها من الثواب وأدخلوا عليها العقاب بفعل الكفر . وقالت لهم الملائكة { فيم كنتم } أي في أي شيء كنتم من دينكم على وجه التقرير لهم والتوبيخ لفعلهم { قالوا كنا مستضعفين في الأرض } يستضعفنا أهل الشرك بالله في أرضنا وبلادنا بكثرة عددهم وقوتهم ، ويمنعونا من الايمان بالله واتباع رسوله على جهة الاعتذار فقالت لهم الملائكة { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } يعني فتخرجوا من أرضكم وداركم وتفارقوا من يمنعكم من الايمان بالله وبرسوله إلى أرض يمنعكم أهلها من أهل الشرك ، فتوحدوه وتعبدوه وتتبعوا نبيه ثم قال تعالى { فأولئك مأواهم جهنم } يعني مسكنهم جهنم { وساءت } يعني جهنم لأهلها الذين صاروا إليها { مصيراً } وسكناً ثم استثنى من ذلك المستضعفين الذين استضفعهم المشركون { من الرجال والنساء والولدان } وهم الذين يعجزون عن الهجرة لاعسارهم وقلة حيلتهم { ولا يهتدون سبيلاً } يعني في الخلاص من مكة . وقيل معناه لا يهتدون لسوء معرفتهم بالطريق من أرضهم إلى أرض الاسلام استثنوا من جملة من أخبر أن مأواهم جهنم للعذر الذي هم فيه . ونصب المستضعفين بالاستثناء من الهاء والميم في قوله : { مأواهم جهنم } فقال تعالى : { فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم } يعني لعل الله أن يعفو عنهم لما هم عليه من الفقر ويتفضل عليهم بالصفح عنهم في تركهم الهجرة من حيث لم يتركوها اختياراً { وكان الله عفواً غفوراً } ومعناه لم يزل الله ذا صفح بفضله عن ذنوب عباده بترك عقوبتهم على معاصيهم { غفوراً } ساتراً عليهم ذنوبهم بعفوه لهم عنها . قال ابن عباس كنت أنا وأمي من المستضعفين . قال عكرمة وكان العباس منهم وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يدعو في دبر صلاة الظهر اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن ربيعه وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا . وبالجملة التي ذكرناها قال ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، وقتادة ، والضحاك ، وابن وهب ، وابن جبير . وقوله : { توفاهم } يحتمل أن يكون فعلا ماضياً ويكون موضعه الفتح لأن الماضي مبني على الفتح . والثاني أن يكون رفعاً والمعنى تتوفاهم وقد حذف أحد التائين وقد بينا فيما مضي أن { عسى } من الله معناه الوجوب قال المغربي : ذكر { عسى } ها هنا تضعيف لأمر غيرهم كما يقول القائل ليت من أطاع الله سلم ، فكيف من عصاه . ومثله قول الشاعر : @ ولم تر كافر نعمى نجا من السوء ليت نجا الشاكر @@ والتوفي هو الاحصاء قال الشاعر : @ إن بني أدرد ليسوا من أحد ليسوا إلى قيس وليسوا من أسد ولا توفاهم قريش في العدد @@ بمعنى أحصاهم . والملائكة تتوفى . وملك الموت يتوفى . والله يتوفى . وما يفعله ملك الموت والملائكة يجوز أن يضاف إلى الله إذا فعلوه بأمره وما تفعله الملائكة جاز أن يضاف إلى ملك الموت ، إذا فعلوه بامره .