Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 11-17)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سبع آيات عند الكل إلا ان الشامي قد خالفهم في التفصيل ، وهي عندهم سبع عدوا { يوم التلاق } ولم يعده الشامي ، وعد الشامي { يومهم بارزون } ولم يعده الباقون . حكى الله تعالى عن الكفار الذين تقدم وصفهم انهم يقولون بعد حصولهم فى النار والعذاب يا { ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } قال السدي الاماتة الأولى فى الدنيا والثانية فى البرزخ إذا أحيي للمسألة قبل البعث يوم القيامة ، وهو اختيار الجبائي والبلخي . وقال قتادة : الاماتة الأولى حال كونهم نطفاً فاحياهم الله ، ثم يميتهم ، ثم يحيهم يوم القيامة . وفي الناس من استدل بهذه الآية على صحة الرجعة ، بأن قال : الاماتة الأولى في دار الدنيا والاحياء الأول حين إحيائهم للرجعة ، والاماتة الثانية بعدها . والاحياء الثاني يوم القيامة ، فكأنهم اعتمدوا قول السدي ، ان حال كونهم نطفاً لا يقال له إماتة ، لان هذا القول يفيد اماتة عن حياة والاحياء يفيد عن إماتة منافية للحياة وإن سموا في حال كونهم نطفاً مواتاً . وهذا ليس بقوي لأنه لو سلم ذلك لكان لا بد من أربع احياآت وثلاث إماتات أول إحياء حين أحياهم بعد كونهم نطفاً ، لان ذلك يسمى احياء بلا شك . ثم اماتة بعد ذلك في حال الدنيا . ثم أحياء في القبر ثم إماتة بعده ثم إحياء في الرجعة ثم إماتة بعدها . ثم إحياء يوم القيامة لكن يمكن أن يقال : إن إخبار الله عن الاحياء مرتين والاماتة مرتين لا يمنع من احياء آخر وإماتة أخرى ، وليس في الآية انه احياهم مرتين وأماتهم مرتين بلا زيادة ، فالآية محتملة لما قالوه ومحتملة لما قاله السدي ، وليس للقطع على احدهما سبيل . قال ابن عباس وعبد الله والضحاك : هو كقوله { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } وقوله { فاعترفنا بذنوبنا } إخبار منه تعالى أن الكفار يعترفون بذنوبهم التي اقترفوها في الدنيا لا يمكنهم جحدها ، وإنما تمنوا الخروج مما هم فيه من العذاب ، فقالوا { فهل إلى خروج من سبيل } والمعنى فهل إلى خروج لنا من سبيل فنسلكه في طاعتك وإتباع مرضاتك . ولو علم الله تعالى انهم يفلحون لردهم إلى حال التكليف ، لأنه لا يمنع احساناً بفعل ما ليس باحسان . ولا يؤتى احد من عقابه إلا من قبل نفسه ، وكذلك قال في موضع آخر { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون } تنبيهاً أنهم لو صدقوا في ذلك لأجابهم إلى ما تمنوه ، وإنما يقولون هذا القول على سبيل التمني بكل ما يجدون اليه سبيلا في التلطف للخروج عن تلك الحال ، وإنه لا يمكن احداً أن يتجلد على عذاب الله ، كما يمكن ان يتجلد على عذاب الدنيا . ووجه إتصال قوله { فاعترفنا بذنوبنا } بما قبله هو الاقرار بالذنب بعد الاقرار بصفة الرب ، كأنه قيل : فاعترفنا بانك ربنا الذي أمتنا وأحييتنا وطال امهالك لنا فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج لنا من سبيل فنسلكه في طاعتك وإتباع مرضاتك . وفي الكلام حذف وتقديره : فاجيبوا ليس من سبيل لكم إلى الخروج { ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم } أي إذا دعي الله وحده دون آلهتكم جحدتم ذلك { وإن يشرك به تؤمنوا } أي إن يشرك به معبوداً آخر من الاصنام والأوثان تصدقوا . ثم قال { فالحكم لله } في ذلك والفاصل بين الحق والباطل { العلي الكبير } فالعلي القادر على كل شيء يجب ان يكون قادراً عليه ، ويصح ذلك منه وصفة القادرين تتفاضل ، فالعلي القادر الذي ليس فوقه من هو أقدر منه ولا من هو مساو له فى مقدوره ، وجاز وصفه تعالى بالعلي ، لان الصفة بذلك قد تقلب من علو المكان الى علو الشأن يقال : استعلى عليه بالقوة ، واستعلى عليه بالحجة وليس كذلك الرفعة فلذلك لا يسمى بأنه رفيع ، والكبير العظيم فى صفاته التي لا يشاركه فيها غيره . وقال الجبائي : معناه السيد الجليل . ثم قال تعالى { هو الذي يريكم آياته } يعني حججه ودلائله { وينزل من السماء رزقاً } من الغيث والمطر الذي ينبت ما هو رزق الخلق { وما يتذكر إلا من ينيب } أي ليس يتفكر فى حقيقة ذلك إلا من يرجع اليه . وقال السدي : معناه إلا من يقبل إلى طاعة الله . ثم امر الله تعالى المكلفين ، فقال { فادعوا الله مخلصين له الدين } أي وجهوا عبادتكم اليه تعالى وحده { ولو كره } ذلك { الكافرون } فلا تبالوا بهم . ثم رجع إلى وصف نفسه فقال { رفيع الدرجات } وقيل معناه رفيع طبقات الثواب التي يعطيها الانبياء والمؤمنين في الجنة ( ورفيع ) نكرة أجراها على الأستئناف أو على تفسير المسألة الأولى ، وتقديره ، وهو رفيع { ذو العرش } بانه مالكه وخالقه ومعناه عظيم الثواب لهم والمجازاة على طاعتهم { يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده } قيل : الروح القرآن وكل كتاب أنزله الله على نبي من انبيائه وقيل : معنى الروح - ها هنا - الوحي ، لأنه يحيا به القلب بالخروج من الجهالة إلى المعرفة ومنه قوله { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا } ذكره قتادة والضحاك وابن زيد . وقيل : الروح - ها هنا - النبوة ، وتقديره لينذر من يلقي عليه الروح يوم التلاق : من يختاره لنبوته ويصطفيه لرسالته . وقوله { لينذر يوم التلاق } أي ليخوف يوم يلتقي فيه اهل السماء واهل الأرض - فى قول قتادة والسدي وابن زيد - وقيل يوم يلقى فيه المرؤ عمله ، وهو يوم القيامة حذر منه ، وقيل يوم يلتقي فيه الأولون والآخرون . والضمير في قوله { لينذر } كناية عن النبي صلى الله عليه وآله . ويحتمل ان يكون فيه ضمير الله ، والأول أجود ، لانه قد قرىء بالتاء ، وهو حسن . ومن أثبت الياء فلأنها الأصل ، ومن حذف اجتزأ بالكسرة الدالة عليها . وقوله { يوم هم بارزون } أي يظهرون من قبورهم ويهرعون إلى ارض المحشر وهو يوم التلاق ويوم الجمع ويوم الحشر . ونصب ( يوم ) على الظرف . وقوله { لا يخفى على الله منهم شيء } إنما خصهم بأنه لا يخفى عليه منهم شيء وإن كان لا يخفى عليه لا منهم ولا ( من ) غيرهم شيء لاحد أمرين : احدهما - أن تكون ( من ) لتبيين الصفة لا للتخصيص والتبعيض . والآخر - ان يكون بمعنى يجازيهم من لا يخفى عليه شيء منهم ، فذكر بالتخصيص لتخصيص الجزاء بمن يستحقه دون ما لا يستحقه ولا يصح له من المعلوم . وقيل : لا يخفى على الله منهم شيء فلذلك صح أنه انذرهم جميعاً . وقوله { لمن الملك اليوم } قيل في معناه قولان : احدهما - انه تعالى يقرر عباده ، فيقول لمن الملك ؟ فيقر المؤمنون والكافرون بأنه لله الواحد القهار . والثاني - انه القائل لذلك وهو المجيب لنفسه ، ويكون فى الاخبار بذلك مصلحة للعباد في دار التكليف . والأول أقوى لأنه عقيب قوله { يوم هم بارزون } وإنما قال { لمن الملك اليوم } مع أنه يملك الانبياء والمؤمنين في الآخرة الملك العظيم لاحد وجهين : احدهما - لانه على تخصيص يوم القيامة قبل تمليك اهل الجنة ما يملكهم . والثاني - لا يستحق إطلاق الصفة بالملك إلا الله تعالى ، لانه يملك جميع الأمور من غير تمليك مملك ، فهو أحق باطلاق الصفة . وقوله { اليوم تجزى كل نفس ما كسبت لا ظلم اليوم } اخبار منه تعالى أن يوم القيامة تجزى كل نفس على قدر عملها لا يؤاخذ أحد بجرم غيره ، لا يظلم ذلك اليوم أحد ولا يبخس حقه { إن الله سريع الحساب } لا يشغله محاسبة واحد عن محاسبة غيره ، فحساب جميعهم على حد واحد .