Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 21-25)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عباس { أشد منكم } بالكاف . الباقون بالهاء . قال ابو علي : من قرأ بالهاء فلأن ما قبله { أولم يسيروا } على ان لفظه لفظ الغيبة ، فحمله على ذلك فقرأ { أشد منهم } ومن قرأ بالكاف انصرف من الغيبة إلى الخطاب ، كقوله { إياك نعبد } بعد قوله { الحمد لله } وحسن - هنا - لأنه خطاب لاهل مكة . يقول الله تعالى منبهاً لهؤلاء الكفار على النظر فى ما نزل بالماضين جزاء على كفرهم فيتعظوا بذلك وينتهوا عن مثل حالهم ، فقال { أولم يسيروا في الأرض } والسير والمسير واحد ، وهو الجواز في المواضع ، يقال : سار يسير سيراً وسايره مسايرة وسيرة تسييراً ، ومنه قوله { السيارة } والثياب المسيرة : التى فيها خطوط وقوله { فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم } أي يتكفروا فى عواقب الكفار من قوم عاد وقوم لوط ، فيرون بلادهم هالكه وآثارهم دارسة ومنازلهم خالية بما حل بهم من عذاب الله ونكاله جزاء على جحودهم نعم الله واتخاذهم معه إلهاً غيره ، وكان الأمم الماضية أشد قوة من هؤلاء . والقوة هي القدرة ، ومنه قوله { القوي العزيز } وقد يعبر بالقوة عن الصلابة ، فيقال : خشبة قويه وحبل قوي أي صلب ، وأصله من قوى الحبل ، وهو شدة الفتل ثم نقل إلى معنى القدرة ، كما نقل ( كبر ) عن كبر الجثة إلى كبر الشأن ، والأثر حدث يظهر به أمر ، ومنه الآثار التي هي الاحاديث عمن تقدم بما تقدم بها من احوالهم وطرائقهم فى أمر الدنيا والدين . وقوله { فأخذهم الله بذنوبهم } ومعناه فأهلكهم الله جزاء على معاصيهم { وما كان لهم من الله من واق } في دفع العذاب عنهم ومنعهم من نزوله بهم - وهو قول قتادة - . ثم بين تعالى انه إنما فعل بهم ذلك لأنهم { جاءتهم رسلهم بالبينات } يعني بالمعجزات الظاهرات والدلالات الواضحات فكذبوهم وجحدوا رسالتهم فاستحقوا العذاب { فأخذهم الله بذنوبهم } أي اهلكهم الله جزاء على معاصيهم { إنه قوي شديد العقاب } أي قادر شديد عقابه . ثم ذكر قصة موسى عليه السلام فقال { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } أي بعثناه بحججنا وادلتنا { وسلطان مبين } أي حجة ظاهرة نحو قلب العصى حية وفلق البحر وغير ذلك { إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب } يعني موسى . ثم قال تعالى { فلما جاءهم } يعني موسى عليه السلام { بالحق من عندنا قالوا } يعني فرعون وهامان وقارون { اقتلوا أبناء الذين آمنوا } بموسى ومن معه { واستحيوا نساءهم } أي استبقوهم ، قال قتادة : كان هذا الامر بقتل الابناء والاستحياء للنساء امراً من فرعون بعد الامر الاول . وقيل استحياء نسائهم للمهنة . وقيل : معناه استحيوا نساءهم وقتلوا الابناء ليصدوهم بذلك عن اتباعه ويقطعوا عنه من يعلونه ، وإنما ذكر قصة موسى ليصبر محمد صلى الله عليه وآله على قومه كما صبر موسى قبله . ثم اخبر تعالى ان ما فعله من قتل الرجال واستحياء النساء لم ينفعه وان كيده ، وكيد الكافرين لا يكون الا في ضلال عن الحق واسم ( كان ) الاولى قوله { عاقبة } وخبرها ( كيف ) وانما قدم لان الاستفهام له صدر الكلام ، واسم ( كان ) الثانية الضمير الذي دل عليه الواو ، وخبره ( من قبلهم ) ، واسم ( كان ) الثالثة الضمير ، و ( هم ) فصل عند البصريين ، وعماد عند الكوفيين " وأشد " خبر ( كان ) الثالثة . فان قيل : الفصل لا يكون الا بين معرفتين ( وأشد ) نكرة كيف صار ( هم ) فصلا ؟ قيل : ان ( افعل ) الذى معه ( من ) بمنزلة المضاف إلى المعرفة . قال الله تعالى { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً } كان خيرا خير في الاصل فحذفت الهمزة تخفيفاً .