Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 31-35)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو عمرو ، والأخفش والداجوني عن هشام وقتيبة { على كل قلب متكبر } منون . الباقون على الاضافة . من نون جعله نعتاً للقلب ، لان القلب اذا تكبر تكبر صاحبه ، كما قال { فظلت أعناقهم لها خاضعين } لان الاعناق إذا خضعت خضع اربابها ، وتكبر القلب قسوته وإذا قسا القلب كان معه ترك الطاعة . ومن اضاف قال : لان في قراءة ابن مسعود على { قلب كل متكبر جبار } قال الفراء : وسمعت احدهم يقول : ان فلاناً مرجل شعره يوم كل جمعة يقوم . والجبار : هو الذى يقتل على الغضب ، ويقال : اجبره فهو جبار مثل ادرك فهو دراك . قال الفراء : ولا ثالث لهما ، قال ابن خلويه : وجدت لهما ثالثاً اسأر فهو سئّار . لما حكى الله تعالى عن مؤمن آل فرعون انه حذر قومه بالعذاب مثل عذاب يوم الاحزاب ، فسر ذلك فقال { مثل دأب قوم نوح } يعني كعادته مع قوم نوح . والدأب العادة يقال : دأب يدأب دأباً فهو دائب في عمله إذا استمر فيه . والعادة تكرر الشيء مرة بعد مرة . وانما فعل بهم ذلك حين كفروا به ، فأغرقهم الله وكقوم هود وهم عاد . وكقوم صالح : وهم ثمود والذين من بعدهم من الأنبياء واممهم الذين كذبوهم ، فأهلكهم الله بأن استأصلهم جزاء على كفرهم . ثم اخبر انه تعالى لا يريد ظلماً للعباد ، ولا يؤثره لهم . وذلك دال على فساد قول المجبرة الذين يقولون إن كل ظلم فى العالم بارادة الله . ثم حكى ايضاً ما قال لهم المؤمن المقدم ذكره ، فانه قال { ياقوم إني أخاف عليكم } عقاب { يوم التناد } وقيل : هو اليوم الذي ينادي بعض الظالمين بعضاً بالويل والثبور ، لما يرى من سوء عقاب الكفر والمعصية . وقيل : انه اليوم الذي ينادي أصحاب الجنة اصحاب النار { أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً } وينادي اصحاب النار اصحاب الجنة { أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله } فى قول الحسن وقتادة وابن زيد ، وقيل : { يوم التناد } هو اليوم الذي يدعى فيه { كل أناس بإمامهم } ومن أثبت الياء في ( التنادي ) فلأنها الأصل ، ومن حذفها فلاجتزائه بالكسرة الدالة عليها ، ولأنها آخر الآية ، فهي فصل شبهت بالقوافي . وقرىء { يوم التناد } بالتشديد من قولهم ند البعير إذا هرب روي ذلك عن ابن عباس - . وقوله { يوم تولون مدبرين } قال الحسن وقتادة : معناه منصرفين إلى النار وقال مجاهد : مارين غير معوجين ولا معجزين . وقيل : يولون مدبرين والمقامع تردهم إلى ما يكرهونه من العقاب . وقوله { ما لكم من الله من عاصم } أي مانع من عذاب ينزل بكم ، واصله المنع ، وشبه بذلك من فعل به ذلك اللطف الذي يمتنع عنده ، يقال عصمه فهو عاصم وذاك معصوم إذا فعل به ذلك اللطف . ومنه قوله { لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم } أي لا مانع . ثم قال { ومن يضلل الله فما له من هاد } أي من يحكم الله بضلاله فليس له من يحكم بهدايته على الحقيقة . ويحتمل ان يكون المراد ومن يضله الله عن طريق الجنة فما له من يهديه اليها . ثم قال تعالى حاكياً ما قال لهم موسى فانه قال لهم : { ولقد جاءكم يوسف من قبل } قيل : هو يوسف ابن يعقوب كان قبل موسى جاءهم { بالبينات } يعني الحجج الواضحات { فما زلتم في شك } من موته حتى إذا هلك ومات { قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا } آخر . ثم قال { كذلك يضل الله } أي مثل ما حكم الله بضلال أولئك يحكم بضلال { كل مسرف } على نفسه بارتكاب معاصيه { مرتاب } أي شاك في أدلة الله ، ثم بينهم فقال { الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم } أي يسعون بغير سلطان أي بغير حجة آتاهم الله ، وموضع الذين نصب لانه بدل من ( من ) ويجوز ان يكون رفعاً بتقدير ( هم ) ثم قال { كبر مقتاً } أي كبر ذلك الجدال منهم مقتاً { عند الله } أي عداوة من الله . ونصبه على التمييز { وعند الذين آمنوا } بالله مثل ذلك . ثم قال { كذلك } أي مثل ما طبع على قلوب اولئك بان ختم عليها علامة لكفرهم يفعل مثله { ويطبع على كل قلب متكبر جبار } من نون ( قلب ) جعل ( متكبر جبار ) من صفة القلب ومن اضافه جعل ( القلب ) للمتكبر الجبار . قال ابو علي : من اضاف لا يخلو ان يترك الكلام على ظاهره او يقدر فيه حذفاً ، فان تركه على ظاهره كان تقديره : يطبع الله على كل قلب متكبر أي على جملة القلب من المتكبر ، وليس ذلك المراد وإنما المراد يطبع على قلب كل متكبر ، والمعنى انه يطبع على القلوب إذا كانت قلباً قلباً من كل متكبر بمعنى انه يختم عليها .