Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 36-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ حفص وعاصم { فأطلع } نصباً على جواب ( لعلي ) الباقون رفعاً عطفاً على قوله تعالى { لعلي أبلغ الأسباب … فأطلع } وقيل : إن هامان اول من طبخ الآجر لبناء الصرح ، وقرأ اهل الكوفة { وصدّ } بضم الصاد على ما لم يسم فاعله . الباقون بفتحها ، فمن ضم اراد صده الشيطان عن سبيل الحق وطابق قوله تعالى { زين لفرعون سوء عمله } ومن فتح الصاد اراد انه صدّ غيره عن سبيل الحق . وقرأ ابن كثير وابو عمرو وابو بكر عن عاصم { يدخلون } بالضم كقوله { يرزقون } . الباقون بفتح الياء ، لأنهم إذا ادخلوا ، فقد دخلوا . حكى الله تعالى ان فرعون قال لهامان { ياهامان } وقيل : إنه كان وزيره { ابن لي صرحاً } أي بناء ظاهراً عالياً لا يخفى على الناظر وان بعد ، وهو من التصريح بالأمر وهو اظهاره بأتم الاظهار { لعلي أبلغ الأسباب } ثم فسر تلك الاسباب فقال { أسباب السماوات } وقال ابن عامر اراد به منزل السماء . وقال قتادة : معناه ابواب طرق السموات . وقال السدي طرق السموات . وقيل : هي الأمور التي يستمسك بها . فهي أسباب لكونها على ما هي به ولا تضطرب ولا تسقط إلى الارض بثقلها ، ولا تزول إلى خلاف جهتها ، وقوله { فأطلع إلى إله موسى } معناه فأشرف عليه لا راه . وقيل : إن فرعون كان مشبهاً فطلب رؤية الاله في السماء كما ترى الاشخاص إذا أشرف عليها . وقيل : يجوز ان يكون اراد ، فاطلع إلى بعض الآيات التي يدعيها موسى الدالة على إله موسى ، لانه كان يعلم أن الصرح لا يبلغ السماء ، فكيف يرى من الصرح ما هو في السماء ، ولو كان فيها على قول المجسمة ، ويجوز ان يكون قال ذاك تمويهاً لما علم من جهل قومه . وقوله { وإني لأظنه كاذباً } حكاية ما قال فرعون وإنه يظن أن ما يقوله موسى أن له إله خلق السماء والارض كاذب في قوله . وقال الحسن : إنما قال فرعون هذا على التمويه وتعمد الكذب ، وهو يعلم ان له إلهاً . وقوله { وكذلك زين لفرعون سوء عمله } أي مثل ما زين لهؤلاء الكفار أعمالهم كذلك زين لفرعون سوء عمله ، وقال المزين له سوء عمله جهله بالله تعالى والشيطان الذي اغواه ودعاه اليه لأن الجهل بالقبح في العمل يدعو إلى انه حسن وصواب ، فلما جهل فرعون ان له إلهاً يجب عليه عبادته وتوهم كذب ما دعاه اليه نبيه موسى ، سولت له نفسه ذلك من أمره . وقد بين الله تعالى ذلك في موضع آخر فقال { زين لهم الشيطان أعمالهم } وقوله { وصد عن السبيل } من ضم اراد انه صده غيره . ومن فتح اراد انه صد نفسه وغيره . ثم قال تعالى { وما كيد فرعون إلا في تباب } يعني في هلاك . والتباب الهلاك بالانقطاع ، ومنه قوله { تبت يدا أبي لهب } أي خسرت بانقطاع الرجاء ، ومنه تباً له . وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : معنى { تباب } خسران . ثم حكى تعالى ما قال مؤمن آل فرعون في قوله { وقال الذي آمن ياقوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد } وهو الايمان بالله وتوحيده وإخلاص العبادة له والاقرار بموسى عليه السلام وقال لهم ايضاً على وجه الوعظ لهم والزجر عن المعاصي { ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع } يعني انتفاع قليل ، ثم يزول بأجمعه ويبقى وزره وآثامه { وإن الآخرة هي دار القرار } أي دار مقام ، وسميت دار قرار لاستقرار الجنة بأهلها واستقرار النار بأهلها . والقرار المكان الذي يستقر فيه . ثم قال { من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها } ومعناه أي من عمل معصية فليس يجازى إلا مقدار ما يستحقه عليها من العقاب لا اكثر من ذلك { ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة } جزاء على إيمانهم { يرزقون فيها بغير حساب } أي زيادة على ما يستحقونه تفضلا منه تعالى ، ولو كان على مقدار العمل فقط لكان بحسابه . قال الحسن : هذا كلام مؤمن آل فرعون . ويحتمل أن يكون ذلك اخبارا منه تعالى عن نفسه .