Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 76-80)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما حكى الله تعالى ما يقال للكفار من قوله { ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون } حكى ايضاً انه يقال لهم { ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها } أي مؤبدين فيها لا انقطاع لكونكم فيها ولا نهاية لعقابكم . وقيل : إنما جعل لجهنم ابواب كما جعل فيها الادراك تشبيهاً بما يتصور الانسان في الدنيا من المطابق والسجون والمطامير ، فان ذلك أهول واعظم في الزجر . وقيل : لجهنم ابواب ، كما قال تعالى { لها سبعة أبواب } وقوله { فبئس مثوى المتكبرين } أي بئس مقام الذين تكبروا عن عبادة الله وتجبروا عن الانقياد له ، وإنما اطلق عليه اسم بئس مع كونه حسناً لان الطبع ينفر عنه كما ينفر العقل عن القبيح بالذم عليه ، فحسن لهذه العلة اطلاق اسم بئس عليه . ووصف الواحد منا بانه متكبر اسم ذم . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله { فاصبر } يا محمد على أذى قومك وتكذيبهم إياك ومعناه اثبت على الحق ، فسماه صبراً للمشقة التي تلحق فيه كما تلحق بتجرع المر ، ولذلك لا يوصف اهل الجنة بالصبر . وإن وصفوا بالثبات على الحق . وكان فى الوصف به فى الدنيا فضل ، ولكن يوصفون بالحلم ، لانه مدح ليس فيه صفة نقص . وقوله { إن وعد الله حق } معناه إن ما وعد الله به المؤمنين على الصبر من الثواب فى الجنة وتوعد الكفار من العقاب ( حق ) لا شك فيه بل هو كائن لا محالة ثم قال { فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون } معناه إنا إن أريناك يا محمد بعض ما نعدهم من العقاب عاجلا وإهلاكهم فى دار الدنيا ، وإن لم نفعل ذلك بهم وقبضناك إلينا ، فالينا يرجعون يوم القيامة ، فنفعل بهم ما وعدناهم من العقاب وأليم العذاب . وقال الحسن : تقديره إما نرينك بعض الذي نعدهم فنرينك ذلك فى حياتك او نتوفينك ، فيكون ذلك بعد موتك فأي ذلك كان { فإلينا يرجعون } . ثم قال تعالى { ولقد أرسلنا } يا محمد { رسلا من قبلك منهم } أي من جملتهم { من قصصنا عليك } قصتهم { ومنهم من لم نقصص عليك } وروي عن علي عليه السلام انه قال ( من بعث الله نبياً اسود لم يذكره الله ) وقيل : بعث الله ثمانية آلآف نبي اربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلاف من غيرهم . ولم يذكر إلا نفراً يسيراً . ثم قال { وما كان لرسول أن يأتي بآية } أي بمعجزة ولا دلالة { إلا باذن الله } وامره { فإذا جاء أمر الله } يعني قيام الساعة { قضي بالحق } أي فصل بين الخلائق { وخسر هنالك المبطلون } لانهم يخسرون الجنة ويحصلون في النار بدلا منها { وذلك هو الخسران المبين } ثم قال تعالى على وجه تعداد نعمه على الخلق { الله الذي جعل لكم الأنعام } من الابل والبقر والغنم { لتركبوا منها ومنها تأكلون } اي خلقها لتنتفعوا بركوبها وتأكلوا منها ، فانه جعلها للامرين . وقال قوم : المراد بالانعام - ها هنا - الابل خاصة ، لانها التي تركب ويحمل عليها في اكثر العادات . واللام في قوله { لتركبوا } لام الغرض ، فاذا كان الله تعالى خلق هذه الانعام واراد ان ينتفع خلقه بها ، وكان تعالى لا يريد القبيح ولا المباح ، فلا بد ان يكون اراد انتفاعهم بها على وجه الطاعة والقربة اليه { ولكم فيها منافع } أخرى من ألبانها واصوافها وأشعارها { ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم } ان تركبوا وتبلغوا المواضع التي تقصدونها لحوائجكم { وعليها } يعني على الانعام { وعلى الفلك } وهي السفن { تحملون } ايضاً لانه تعالى هو الذي يسيرها في البحر بالريح إلى حيث تقصدون وتبلغون أغراضكم منها . وقال ابو عبيدة معنى { وعلى الفلك } في الفلك كما قال { ولأصلبنكم في جذوع النخل } واراد عليها ، فحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض .