Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 11-15)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى إن الذي جعل لكم الارض مهداً لتهتدوا إلى مراشدكم في دينكم ودنياكم هو { الذي نزل من السماء ماء } يعني غيثاً ومطراً { بقدر } أي على قدر الحاجة لا زيادة عليها فيفسد ولا ناقصاً عنها فيضر ولا ينفع ، بل هو مطابق للحاجة وبحسبها وذلك يدل على انه واقع من مختار يجعله على تلك الصفة قد قدره على ما تقتضيه الحكمة لعلمه بجميع ذلك . وقوله { فأنشرنا به بلدة ميتاً } أي احييناها بالنبات بعد أن كانت ميتاً بالقحل والجفاف تقول : أنشر الله الخلق فنشروا أي احياهم فحييوا ، ثم قال { وكذلك تخرجون } أي مثل ما أخرج النبات من الارض اليابسة فأحياها بالنبات مثل ذلك يخرجكم من القبور بعد موتكم ، وإنما جمع بين أخراج الانبات وإخراج الاموات لأن كل ذلك متعذر على كل قادر إلا القادر لنفسه الذي لا يعجزه شي ء ومن قدر على احدهما قدر على الآخر بحكم العقل . وقوله { والذي خلق الأزواج كلها } معناه الذي خلق الأشكال من الحيوان والجماد من الحيوان الذكر والانثى ومن غير الحيوان مما هو متقابل كالحلو والحامض والحلوا والمر والرطب واليابس وغير ذلك من الاشكال . وقال الحسن : الازواج الشتاء والصيف ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، والسماء والارض ، والجنة والنار وقوله { وجعل لكم من الفلك } يعني السفن { والأنعام ما تركبون } يعني الابل والبقر وما جرى مجراهما من الدواب والحمير التي تصلح للركوب . ثم بين انه خلق ذلك وغرضه { لتستووا على ظهوره } وإنما وحد الهاء فى قوله { على ظهوره } لانها راجعة إلى ( ما ) كما قال { مما في بطونه } وفي موضع آخر ( بطونها ) ردها إلى الأنعام ، فذكر فى ( ما ) وانث فى الانعام . وقال الفراء : اضاف الظهور الى الواحد ، لأن الواحد فيه بمعنى الجميع ، فردت الظهور إلى المعنى . ولم يقل ظهره ، فيكون كالواحد الذي معناه ولفظه واحد . ومعنى الآية ان غرضه تعالى ان تنتفعوا بالاستواء على ظهورها { ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه } فتشكروه على تلك النعم وتقولوا معترفين بنعم الله ومنزهين له عن صفات المخلوقين { سبحان الذي سخر لنا هذا } يعني هذه الانعام والفلك { وما كنا له مقرنين } أي مطيقين ، يقال : أنا لفلان مقرن أي مطيق أي انا قرن له ، ويقال : أقرن يقرن إقراناً إذا اطاق وهو من المقارنة كأنه يطيق حمله فى تصرفه . وقيل { مقرنين } أي مطيقين أي يقرن بعضها ببعض حتى يسيرها إلى حيث يشاء ، وليقولوا أيضاً { وإنا إلى ربنا لمنقلبون } أي راجعون اليه يوم القيامة . فان قيل : قوله و { لتستووا على ظهوره } يفيد ان غرضه بخلق الانعام والفلك ان يستووا على ظهورها ، وإنه يريد ذلك منهم . والاستواء على الفلك والانعام مباح ، ولا يجوز ان يريده الله تعالى ؟ ! قيل : يجوز ان يكون المراد بقوله { لتستووا على ظهوره } فى المسير إلى ما أمر الله بالمسير اليه من الحج والجهاد وغير ذلك من العبادات ، وذلك يحسن إرادته ، وإنما لا يحسن إرادة ما هو مباح محض . وايضاً ، فانه تعالى قال { ثم تذكروا نعمة ربكم } أي تعترفون بنعم الله بالشكر عليها وتقولوا { سبحان الذي سخر لنا هذا } وذلك طاعة يجوز ان يكون مراداً تتعلق الارادة به . وقوله { وجعلوا له من عباده جزءاً } اخبار منه تعالى ان هؤلاء الكفار جعلوا لله من عباده جزءاً . وقيل فيه وجهان : احدهما - انهم جعلوا لله جزءاً من عبادته لانهم اشركوا بينه وبين الاصنام . وقال الحسن : زعموا ان الملائكة بنات الله وبعضه فالجزء الذي جعلوه له من عباده هو قولهم { الملائكة بنات الله } ثم قال تعالى مخبراً عن حال الكافر لنعم الله فقال { إن الإنسان لكفور } لنعم الله جاحد لها { مبين } أي مظهر لكفره غير مستتر به .