Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 11-15)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير - فى إحدى الروايتين عنه - ونافع وابو جعفر وابن عامر ويعقوب { لتنذر } بالتاء على وجه الخطاب . ويجوز ان يكون مردوداً إلى اللسان وهو مؤنث . الباقون بالياء على وجه الاخبار عن الكتاب او القرآن . وقرأ اهل الكوفة { إحساناً } بالف . الباقون { حسناً } بضم الحاء بلا ألف . وقرأ ابن كثير ونافع والكسائي وابو عمرو { كرهاً } بفتح الكاف . الباقون بضمها ، وهما لغتان . وقرأ يعقوب { وفصله } بفتح الفاء وسكون الصاد من غير الف . الباقون { وفصاله } بكسر الفاء وإثبات ألف ، وهما لغتان وباثبات الالف كلام العرب . وفي الحديث " لا رضاع بعد فصال " وروى بعد " فطام " . اخبر الله تعالى عن الكفار الذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا نبيه محمد صلى الله عليه وآله أنهم قالوا { للذين آمنوا } وصدقوا رسوله { لو كان } هذا الذي يدعوننا هؤلاء المسلمون اليه : محمد ومن اتبعه { خيراً } أي نفعاً عاجلا أو آجلا يظهر لنا ذلك { ما سبقونا } يعني الكفار الذين آمنوا به { إليه } أي إلى إتباعه لانا كنا بذلك أولى وبه احرى ، وحكى ان اسلم وغفار وجهينة ومزينة لما اسلموا قال بنو عامر ابن صعصعة وغطفان واسد واشجع هذا القول ، فحكاه الله . والسبق المصير إلى الشيء قبل غيره ، وكذلك السابق إلى الخير والتابع فيه ، فقال الله تعالى { وإذ لم يهتدوا به } يعني هؤلاء الكفار بهذا القرآن ولا استبصروا به ولا حصل لهم العلم بأنه مرسل داع إلى الله { فسيقولون هذا إفك قديم } أي كذب متقدم حيث لم يهتدوا به ، وصفه بالقديم للمبالغة فى التقدم أي ليس أول من ادعى الكذب فى ذلك بل قد تقدم اشباهه . والقديم فى عرف اللغة هو المتقدم الوجود ، وفى عرف المتكلمين هو الموجود الذي لا أول لوجوده . ثم قال تعالى { ومن قبله } يعني من قبل القرآن { كتاب موسى } يعني التوراة { إماماً ورحمة } أي جعلناه إماماً ورحمة وانزلناه إماماً يهتدى به ورحمة أي نعمة على الخلق . ثم قال { وهذا } يعني القرآن { كتاب مصدق } لذلك الكتاب { لساناً عربياً } نصبه على الحال ، ويجوز ان يكون حالا من هذا الكتاب ويجوز ان يكون حالا لما فى { مصدق } من الضمير . وقوله { لينذر الذين ظلموا } أي ليخوفهم ، ويعلمهم استحقاق العقاب على المعاصي واستحقاق الثواب على الطاعات . فمن قرأ بالتاء جاز أن يكون خطاباً للنبي صلى الله عليه وآله ويجوز ان يكون ردّاً على اللسان على ما قدمناه ، وهو مؤنث . ومن قرأ بالياء رده إلى الكتاب الذي هو القرآن . وقوله { وبشرى للمحسنين } معناه ان يكون هذا القرآن بشارة لمن فعل الصالحات واختار الحسنات ، ويجوز في ( بشرى ) ان يكون رفعاً عطفاً على ( مصدق ) ويجوز ان يكون نصباً لوقوعه موقع ( وبشيراً ) فيكون حالا ، كما تقول : اتيتك لازورك وكرامة لك وقضاء لحقك . ثم اخبر تعالى { إن الذين قالوا } بلسانهم { ربنا الله } واعتقدوا ذلك بقلوبهم { ثم استقاموا } على ذلك لم يعدلوا عنه { فلا خوف عليهم } من العقاب فى الآخرة { ولا هم يحزنون } من أهوال القيامة . ثم اخبر عنهم فقال { أولئك } يعني من تقدم ذكرهم { أصحاب الجنة } أي الملازمون لها { خالدين فيها جزاء } لهم { بما كانوا يعلمون } فى الدنيا من الطاعات . ثم قال تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً } أي امرناه بأن يحسن إلى والديه إحساناً . فمن قرأ بلا الف فالمعنى أن يحسن فعله معهما حسناً ، فالحسن والحسن . لغتان ، يقال : حسن يحسن حسناً ومن قرأ { إحساناً } جعله مصدر احسن { وكرهاً } بفتح الكاف المصدر وبضمها الاسم . وقيل هما لغتان . وقوله { حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً } قال الحسن وقتادة ومجاهد : أي بمشقة . ثم قال { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } نبه بذلك على ما يستحقه الوالدان من الاحسان اليهما ومعاملتهما من حيث أنهما تكفلا به وربياه ، وانه { حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً } أي بمشقة فى حال الولادة وارضعته مدة الرضاع . ثم بين ان أقل مدة الحمل وكمال مدة الرضاع ثلاثون شهراً ، وأنهما تكفلا به حتى بلغ حد الكمال { حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة } قيل اكثر الفصال واكثر مدة الرضاع اربعة وعشرون شهراً واقل مدة الحمل ستة اشهر ، والمعنى وصية بذلك ليكون إذا بلغ اشده أي حال التكليف وحال الاربعين ، قال هذا القول علمه الله إياه . وقال قتادة وابن عباس : أشده ثلاث وثلاثون سنة . وقال الشعبي : هو وقت بلوغ الحلم . وقال الحسن : اشده وقت قيام الحجة عليه . ثم { قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي } فالايزاع المنع من الانصراف عن الشيء فالايزاع الشكر المنع من الانصراف عنه باللطف ، ومنه قولهم يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن . ومنه قول الحسن : لا بد للسلطان من وزعة . قال النابغة : @ على حين عاتبت المشيب على الصبا فقلت ألما تصح والشيب وازع @@ اي مانع . وقيل : إيزاع الشكر هو الهام الشكر وقيل الاعزاء بالشكر { وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين } تمام ما علمه الله للانسان ووصاه ان يدعو به إذا بلغ اشده : أن يقول : إني تائب إلى الله من المعاصي وإني من جملة المسلمين لأمر الله .