Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 31-35)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو بكر عن عاصم { وليبلونكم حتى يعلم … ويبلو أخباركم } بالياء فيهن رداً على اسم الله في قوله { والله يعلم أعمالكم } الباقون بالنون على وجه الاخبار من الله عن نفسه . وقرأ حمزة وابو بكر عن عاصم { إلى السلم } بكسر السين . الباقون بفتحها ، وهما لغتان على ما بيناه في ما تقدم في الاسلام والمصالحة يقول الله تعالى مقسماً إنا نبلو هؤلاء الكفار ، ومعناه نختبرهم بما نكلفهم من الامور الشاقة ، فالابتلا والاختبار واحد . وقوله { حتى نعلم المجاهدين منكم } قيل في معناه قولان : احدهما - حتى نعلم جهادكم موجوداً لأن الغرض ان تفعلوا الجهاد فيثيبكم على ذلك ، لانكم لا تستحقون الثواب على ما يعلم الله انه يكون . الثاني - حتى نعاملكم معاملة من كأنه يطلب ان يعلم . وقيل : معناه حتى يعلم أوليائي المجاهدين منكم ، وأضافه إلى نفسه تعظيماً لهم وتشريفاً ، كما قال { إن الذين يؤذون الله ورسوله } يعني يؤذن أولياء الله . وقيل : معناه حتى يتميز المعلوم في نفسه ، لأنهم إنما يتميزون بفعل الايمان . وقيل : المعنى حتى تعلموا أنتم ، واضافه إلى نفسه تحسناً كما أن الانسان العالم إذا خولف فى ان النار تحرق الحطب يحسن ان يقول : نجمع بين النار والحطب لنعلم هل تحرق ام لا ، ولا يجوز ان يكون المراد حتى نعلم بعد ان لم نكن عالمين ، لانه تعالى عالم في ما لم يزل بالأشياء كلها ، ولو تجدد كونه عالماً لاحتاج إلى علم محدث كالواحد منا وذلك لا يجوز أن يكون غرضاً بالتكليف ، لكن يجوز ان يكون الغرض ظهور حق الذم على الاساءة ، وإنما جاز في وصف الله الابتلاء ، لأن المعنى انه يعامل معاملة المبتلي المختبر مظاهرة في العدل بالجزاء لها . والجهاد احتمال المشقة في قتال المشركين واعداء دين الله . وافضل الأعمال علم الدين ، والجهاد في سبيل الله ، لأن علم الدين به يصح العمل بالحق والدعاء اليه . والجهاد داع إلى الحق مع المشقة فيه . والصابر هو الحابس نفسه عما لا يحل له . وهي صفة مدح . ومع ذلك ففيها دليل على حاجة الموصوف بها ، لأنه إنما يحبس نفسه ويمنعها مما تشتهيه او تنازع اليه من القبيح { ونبلوا أخباركم } أي نختبر اخباركم ونعلم المطيع من العاصي . ثم اخبر تعالى { إن الذين كفروا } بوحدانيته وجحدوا نبوة نبيه { وصدوا } أي منعوا غيرهم { عن } إتباع { سبيل الله } بالقهر تارة وبالاغراء أخرى { وشاقوا الرسول } أي عاندوه وباعدوه بمعاداته { من بعد ما تبين لهم الهدى } ووضح لهم سبيله { لن يضروا الله } بذلك { شيئاً } وإنما ضروا نفوسهم { وسيحبط أعمالهم } ويستحقون عليها العقاب . والهدى الدلالة المؤدية إلى الحق . والهادي الدال على الحق وفي الآية دلالة على أن هؤلاء الكفار كان قد تبين لهم الهدى فارتدوا عنه او يكون ظهر لهم أمر النبي ، فلم يقبلوه . وقيل : تبين لهم الهدى ، لأنهم كانوا قد عرفوا الايمان ورجعوا عنه . ثم خاطب المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا } بالله وصدقوا رسوله { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } أي افعلوا الطاعات التي أمركم الله بها وامركم بها رسوله { ولا تبطلوا أعمالكم } بأن توقعوها على خلاف الوجه المأمور به فيبطل ثوابكم عليها وتستحقون العقاب . ثم اخبر تعالى فقال { إن الذين كفروا } أي جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله { وصدوا عن سبيل الله } بالمنع والاغراء والدعاء إلى غيره { ثم ماتوا وهم كفار } أي فى حال كفرهم { فلن يغفر الله لهم } معاصيهم بل يعاقبهم عليها . ثم قال { فلا تهنوا } أي لا تتوانوا . وقال مجاهد وابن زيد : لا تضعفوا { وتدعوا إلى السلم } يعني المصالحة { وأنتم الأعلون } أي وانتم القاهرون الغالبون - فى قول مجاهد - { والله معكم } اي ناصركم والدافع عنكم فلا تميلوا مع ذلك إلى الصلح والمسالمة بل جاهدوا واصبروا عليه . وقوله { ولن يتركم أعمالكم } أي لن ينقصكم اجور اعمالكم يقال : وتره يتره وتراً إذا أنقصه . وهو قول مجاهد . وقال ابن عباس وقتادة وابن زيد والضحاك : لن يظلمكم واصله القطع ، فمنه البتر القطع بالقتل . ومنه الوتر المنقطع بانفراده عن غيره . وقوله { وتدعوا } يجوز ان يكون جراً عطفاً على { تهنوا } أي لا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم ، ويجوز ان يكون فى موضع نصب على الظرف