Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 103-103)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية من الادلة الواضحة على بطلان مذهب المجبرة من قولهم : من أن الله تعالى هو الخالق للكفر والمعاصي وعبادة الاصنام وغيرها من القبائح ، لأنه تعالى نفى أن يكون هو الذي جعل البحيرة أو السائبة أو الوصيلة أو الحام ، وعندهم ان الله تعالى هو الجاعل له والخالق ، تكذيباً لله تعالى وجرأة عليه . ثم بين تعالى أن هؤلاء بهذا القول قد كفروا بالله وأفتروا عليه بأن أضافوا اليه ما ليس بفعل له ، وذلك واضح لا إِشكال فيه . ومعنى { ما جعل الله من بحيرة } أي ما حرمها على ما حرمها أهل الجاهلية ، ولا أمر بها . و ( البحيرة ) هي الناقة التي تشق أذنها يقال بحرت الناقة أبحرها بحراً ، والناقة مبحورة ، وبحيرة : اذا شققتها شقاً واسعاً ، ومنه البحر لسعته . وكانوا في الجاهلية اذا نتجت الناقة خمسة أبطن وكان آخرها ذكراً بحروا أذنها أي شقوها ، وامتنعوا من ركوبها وذبحها ، ولم تطرد عن ماء ، ولم تمنع من رعي . واذا لقيها المعيي لم يركبها . و ( السائبة ) المخلاة وهي المسيبة . وكانوا في الجاهلية اذا نذر إِنسان نذراً لقدوم من سفر أو برء من مرض أو ما أشبه ذلك قال : ناقتي سائبة ، فكانت كالبحيرة في التخلية ، وكان اذا أعتق الانسان عبداً ، فقال : هو سائبة لم يكن بينهما عقل ، ولا ولاء ، ولا ميراث . و ( الوصيلة ) الانثى من الغنم اذا ولدت انثى مع الذكر قالوا : أوصلت أخاها فلم يذبحوه . وقال أهل اللغة : كانت الشاة اذا ولدت انثى فهي لهم ، واذا ولدت ذكراً ذبحوه لآلهتهم في زعمهم ، واذا ولدت ذكراً وأنثى قالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوه لآلهتهم . و ( الحام ) الفحل من الابل الذي قد حمى ظهره من أن يركب بتتابع أولاد تكون من صلبه . وكانت العرب اذا أنتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا : حمى ظهره فلا يحمل عليه شيء ولا يمنع من ماء ولا مرعى . وقال محمد ابن إِسحاق : البحيرة بنت السائبة و ( السائبة ) هي الناقة اذا تابعت بين عشر أناث ليس فيهن ذكر سيبت فلم يركبوها ولم يجزوا وبرها ولم يشرب لبنها إِلا ضيف . فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم يخلي سبيلها مع أمها فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ، ولم يشرب لبنها إِلا ضيف كما فعل بأمها . و ( الوصيلة ) هي الشاة إذا أتأمت عشر أناث متتابعات في خمسة أبطن ليس فيها ذكر جعلت وصيلة ، وقالوا قد وصلت وكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الأناث . وقوله { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } إِخبار منه تعالى بأن هؤلاء الذين كفروا يكذبون على الله بادعائهم أن هذه الاشياء من فعل الله أو بأمره . وقوله { وأكثرهم لا يعقلون } خص الاكثر بأنهم لا يعقلون لأنهم أتباع ، فهم لا يعقلون أن ذلك كذب وافتراء كما يفعله الرؤساء - في قول قتادة والشعبي - وقال ابو علي { أكثرهم لا يعقلون } ما أحل لهم وما حرم عليهم ، يعني أن المعاند هو الاقل منهم .