Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 24-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { هل أتاك } يا محمد { حديث ضيف إبراهيم المكرمين } قال الحسن : يعني المكرمين عند الله . وقيل : اكرمهم إبراهيم برفع مجالسهم في الاكرام والاعظام الذي يسر بالاحسان . والاجلال هو الاعظام بالاحسان ، وكذلك يلزم اعظام الله وإجلاله في جميع صفاته ، ولا يجوز مثل ذلك في الاكرام ، ولكن الله يكرم أنبياءه والمؤمنين على طاعتهم . وقوله { إذ دخلوا عليه } يعني حين دخلوا على إبراهيم { فقالوا } له { سلاماً } على وجه التحية له أي اسلم سلاماً { فقال } لهم جواباً عن ذلك { سلام } وقرىء سلم ، فلما ارتاب عليه السلام بهم قال { قوم منكرون } أى انتم قوم منكرون ، والانكار بنفي صحة الأمن ونقيضه الاقرار ، ومثله الاعتراف . وإنما قال : منكرون ، لأنه لم يكن يعرف مثلهم في أضيافه ، وسماهم الله أضيافياً ، لأنهم جاؤه فى صفة الاضياف وعلى وجه مجيئهم . ومعنى ( سلاماً ) أي اسلم سلاماً ، وقوله { قال سلام } أي سلام لنا . وقوله { فراغ إلى أهله } أي ذهب اليهم خفياً ، فالروغ الذهاب فى خفى ، راغ يروغ روغاً وروغاناً ، وراوغه مراوغة ورواغاً ، وأراغه على كذا إذا أراده عليه فى خفى أنفاً من رده . وقوله { فجاء بعجل سمين } فالعجل واحد البقر الصغير مأخوذ من تعجيل أمره بقرب ميلاده ، وسمي عجولا وجمعه عجاجيل . وقال قتادة : كان عامة مال نبي الله إبراهيم عليه السلام البقر . والسمين الكثير الشحم على اللحم ، سمن يسمن سمناً ، وسمنه تسميناً واسمنه اسماناً وتسمن تسمناً ، ونقيض السمن الهزال . وقوله { فقربه إليهم } أي ادناه لهم وقدمه بين أيديهم وقال لهم : كلوه ، فلما رآهم لا يأكلون عرض عليهم فـ { قال ألا تأكلون } وفي الكلام حذف ، لان تقديره فقدمه اليهم فأمسكوا عن الاكل فقال ألا تأكلون فلما أمتنعوا من الأكل { أوجس منهم خيفة } أي خاف منهم وظن أنهم يريدون به سوء ، فالايجاس الاحساس بالشيء خفياً ، أوجس يوجس إيجاساً وتوجس توجساً . ومنه قوله { فأوجس في نفسه خيفة موسى } فقالت حينئذ له الملائكة { لا تخف } يا إبراهيم فانا رسل الله وملائكته أرسلنا الله إلى قوم لوط لنهلكهم . وقيل : إنهم دعوا الله فأحيا العجل له فعلم إبراهيم عند ذلك انهم من الملائكة عليهم السلام { وبشروه } عند ذلك { بغلام عليم } أي يكون عالماً إذا كبر وبلغ . قال مجاهد : المبشر به إسماعيل . وقال غيره : هو اسحاق ، لانه من سارة ، وهذه القصة لها لا لهاجر ، سمعت البشارة امرأته سارة { فأقبلت في صرة } يعني فى صيحة - فى قول ابن عباس ومجاهد وسفيان - وقال مجاهد وسفيان أيضاً فى رنة { فصكت وجهها } قال ابن عباس لطمت وجهها . وقال السدي : ضربت وجهها تعجباً ، وهو قول مجاهد وسفيان ، فالصك الضرب باعتماد شديد { وقالت عجوز عقيم } فالتقدير أنا عجوز عقيم كيف ألد ؟ ! والعقيم الممتنعة من الولادة لكبر او آفة . وقال الحسن : العقيم العاقر . وأصل العقم الشدة مما جاء في الحديث " يعقم أصلاب المشركين " أى يشد ، فلا يستطيعون السجود ، وداء مقام إذا أعيا ، أي اشتد حتى أيأس ان يبرأ ، ومعاقم الفرس مفاصله يشد بعضها إلى بعض ، والعقم والعقمة ثياب معلمة أي شدت بها الاعلام ، وعقمت المرأة ، فهي معقومة وعقيم ، وقالوا عقمت ايضاً ورجل عقيم مثل المرأة من قوم عقيمين والريح العقيم التي لا تنشيء السحاب للمطر ، والملك عقيم يقطع الولاء لان الابن يقتل أباه على الملك ، فقالت الملائكة عند ذلك لها { كذلك } أي مثل ما بشرناك به { قال ربك } ما بشرناك به فلا تشك فيه { إنه هو الحكيم } في أفعاله { العليم } بخفايا الأمور لا يخفى عليه خافية والمعنى كما ان إخبارنا وبشارتنا لا شك فيه ، كذلك قال الله ما بشرناك به .