Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 38-45)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الكسائي { الصعقة } الباقون { الصاعقة } ، فالصعقة مصدر صعق يصعق صعقاً وصعقة واحدة . والصاعقة الاسم تقول : صاقعة وصاعقة مقدماً ومؤخراً ، وصواعق وصواقع ، وقيل : هما لغتان . قوله { وفي موسى } عطف على قوله { وتركنا فيها آية } فكأنه قال : وتركنا فى موسى آية حين أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين أي بحجة ظاهرة { فتولى بركنه } قال ابن عباس وقتادة ومجاهد : معناه بقوته . وقيل : معناه تولى بما كان يتقوى به من جنده وملكه . والركن الجانب الذي يعتمد عليه . والمعنى ان فرعون أعرض عن حجة موسى ولم ينظر فيها بقوته في نفسه { وقال ساحر } أي هو ساحر { أو مجنون } فالسحر حيلة توهم المعجزة بحال خفية . واصله خفاء الأمر فمنه السحر الوقت الذي يخفى فيه الشخص . والسحر الرئة لخفاء سببها فى الترويح عن القلب بها . والسحارة لخفاء السبب فى تلون خيطها . والمجنون الذي أصابته جنة فذهب عقله . وقال الزجاج ( او ) هٰهنا بمعنى الواو ، والتقدير ساحر ومجنون . وقال غيره : في ذلك دلالة على عظم جهل فرعون ، لان الساحر هو اللطيف الحيلة وذلك ينافي صفة المجنون المختلط العقل ، فكيف يوصف شخص واحد بهاتين الصفتين فقال الله تعالى مخبراً عن نفسه { فأخذناه وجنوده فنبذناهم } يعني إنا نبذنا فرعون وجنوده { في أليم } أي طرحناه في البحر كما يلقى الشيء في البر { وهو مليم } أي آت بما يلام عليه من الكفر والجحود والعتو والتجبر والتكبر واحد . والملوم الذي وقع به اللوم ، والمليم الذي أتى بما يلام عليه . وقوله { وفي عاد } عطف ايضاً على قوله { وتركنا فيها } أي وتركنا فى عاد ايضاً آية أي دلالة فيها عظة { إذ أرسلنا } أي اطلقنا { عليهم الريح العقيم } وهي التي عقمت عن ان تأتي بخير من تنشئة سحاب او تلقيح شجرة او تذرية طعام او نفع حيوان ، فهي كالممنوعة من الولادة . وجمع الريح أرواح ورياح ، ومنه راح الرجل إلى منزله أي رجع كالريح ، والراحة قطع العمل المتعب . وقال ابن عباس : الريح العقيم التي لا تلقح الشجر ولا تنشىء السحاب . وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال " نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور " . وقوله { ما تذر من شيء أتت عليه } أى لم تترك هذه الريح شيئاً تمر عليه { إلا جعلته كالرميم } وهو السحيق الذي انتفى رمه بانتفاء ملاءمة بعضه لبعض ، وأما رمه يرمه رماً فهو رام له والشيء مرموم فهو المصلح بملاءمة بعضه لبعض ، وهو اصل الرميم الذي رمه بنقصه . وقيل : الرميم الذى ديس من يابس النبات . وقيل : الرميم العظم البالي المنسحق . وقوله { وفي ثمود إذ قيل لهم } أيضاً عطف على قوله { وتركنا فيها آية … وفي ثمود } وهم قوم صالح لما كفروا وجحدوا نبوة صالح وعقروا ناقة الله واستحقوا الاهلاك { قيل لهم تمتعوا حتى حين } أى انتفعوا فى اسباب اللذات من المناظر الحسنة والروائح الطيبة والاصوات السجية وكل ما فيه منفعة على هذه الصفة { حتى حين } أى إلى حين قدر الله ابقاءكم اليه . وقيل : إلى حين آجالكم إن اطعتم الله - في قول الحسن - { فعتوا عن أمر ربهم } فالعتو الامتناع عن الحق ، وهو الجفاء عنه ترفعاً عن إتباع الداعي اليه { فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون } أى ارسل الله اليهم الصاعقة التي أهلكتهم واحرقتهم وهم يبصرونها { فما استطاعوا من قيام } أى لم يقدروا على النهوض به { وما كانوا منتصرين } أى طالبين ناصراً يمنعهم من عذاب الله - عز وجل - وقرأ الكسائي { الصعقة } بغير الف . وقد بيناه .