Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 17-21)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم الله تعالى بأنه يسر القرآن للذكر ، والتيسير للشيء هو تسهيله ، وأخذه بما ليس فيه كثير مشقة على النفس ، فمن سهل له طريق العلم فهو حقيق بالحظ الجزيل منه ، لان التيسير أكبر داع اليه ، وتسهيل القرآن للذكر خفة ذلك على النفس لحسن البيان وظهر البرهان فى الحكم السنية والمعاني الصحيحة الموثوق بها لمجيئها من الله تعالى ، وإنما صار الذكر من اجل ما يدعى اليه ويحث عليه ، لأنه طريق العلم ، لأن الساهي عن الشيء او عن دليله لا يجوز أن يعلمه فى حال شهوة ، فاذا تذكر الدلائل عليه والطريق المؤدية اليه فقد تعرض لعلمه من الوجه الذي ينبغي له . وقوله { فهل من مدكر } معناه فهل من متعظ معتبر بذلك ناظر فيه . ثم قال { كذبت عاد } يعني بالرسول الذي بعثه اليهم ، وهو هود عليه السلام فاستحقوا الهلاك فاهلكهم الله { فكيف كان عذابي } لهم و { نذر } أي وإنذاري إياهم . ثم بين كيفية إهلاكهم فقال { إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } وهي الشديدة الهبوب حتى يسمع في صوتها صرير ، وهو مضاعف صرّ مثل كب وكبكب ونهه ونهنهه ، وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : كانت ريحاً باردة . وقال ابن زيد وسفيان : كانت شديدة . وقوله { في يوم نحس } يعني يوم شؤم - في قول قتادة - { مستمر } أى استمر بهم العذاب إلى نار جهنم - في قول قتادة - وقوله { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر } معناه تقتلع هذه الريح الناس ثم ترمي بهم على رؤسهم فتدق رقابهم فيصيرون كأنهم أعجاز نخل ، لان رؤسهم سقطت عن أبدانهم - في قول مجاهد - وقيل : استمرت بهم الريح سبع ليال وثمانية أيام حتى اتت عليهم شيئاً بعد شيء . وقيل { تنزع الناس } من حفر حفروها ليمتنعوا بها من الريح . وقال الحسن : فيه اضمار تقديره تنزع أرواح الناس ، واعجاز النخل أسافله . والنخل يذكر ويؤنث ، والمنقعر المنقلع من أصله ، لان قعر الشيء قراره المستقل منه ، فلهذا قيل للمنقطع من أصله : منقعر ، يقال : انعقر إنعقاراً ، وقعره تقعيراً ، وتقعر - في كلامه - تقعراً إذا تعمق . { فكيف كان عذابي ونذر } تعظيم للعذاب النازل بهم . والانذار في الآية هو الذى تقدم اليهم به . وفائدة الآية التحذير من مثل سببه لئلا يقع بالمحذر مثل موجبه .