Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 22-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { المنشئآت } بالكسر حمزة ، ويحيى وقرأ { يخرج } بفتح الياء أهل الكوفة ، وابن كثير وابن عامر أسندوا الفعل إلى اللؤلؤ والمرجان . الباقون ، على ما لم يسم فاعله . وإنما أجازوا اسناد الفعل إلى الجوار واللؤلؤ والمرجان ، كما قالوا مات زيد ومرض عمرو وما أشبه ذلك في ما يضاف الفعل اليه إذا وجد منه . وإن كان في الحقيقة لغيره ، وكان المعنى المنشئات السير فحذف المفعول وأضاف السير اليه إتساعاً ، لان سيرها إنما يكون بهبوب الريح . وقال الزجاج : من فتح الشين أراد المرفوعات الشرع ، وبالكسر الحاملات الرافعات الشرع . لما ذكر الله تعالى النعمة على الخلق بمرج البحرين اللذين يلتقيان ، وإنهما مع ذلك لا يبغيان ، بين أيضاً ما فيهما من النعمة ، فقال يخرج منهما يعني من البحرين اللؤلؤ والمرجان . فاللؤلؤ معروف ، ويقع على الصغار والكبار . والمرجان ضرب من الجوهر كالقضبان يخرج من البحر . وقال ابن عباس : اللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره . وبه قال الحسن وقتادة والضحاك ، وسمي المرجان بذلك لأنه حب من الجوهر كبير مختلط به مرجت أي خلطت . وإنما جاز أن يقول يخرج منهما ، وهو يخرج من الملح دون العذب ، لان العذب والملح يلتقيان فيكون العذب كاللقاح للملح ، كما يقال يخرج الولد من الذكر والانثى ، وإنما تلده الانثى . وقال قوم : لا يخرج اللؤلؤ إلا من الموضع الذي يلتقي فيه العذب والملح ، وذلك معروف عند الغواصين . وقال الزجاج : لانه إذا أخرجه من أحدهما فقد أخرجه من الآخر ، لانه داخل فيهما وقال ابن عباس : إذا جاء القطر من السماء تفتحت الاصداف فكان من ذلك القطر اللؤلؤ . وقال قوم المعنى من جهتهما ولا يجب إنه من كل واحد منهما ، والأول وجه التأويل . وقوله { وله الجوار المنشآت } والجوار جمع جارية وهي السفينة لانها تجري في الماء بأمر الله تعالى . والجارية المرأة الشابة ، لأنه يجري فيها ماء الشباب ، والمنشئآت المبتدآت للسير برفع القلاع . وقال مجاهد : ما رفع له القلاع ، فهو منشأ وما لم يرفع قلاعه فليس بمنشأ ، فجعل الانشاء برفع القلاع . والاعلام الجبال واحدها علم سمي بذلك لارتفاعه كارتفاع الاعلام المعروفة . وقال جرير : @ إذا قطعن علماً بعد علم حتى تناهين بنا إلى حكم @@ وقيل كالاعلام في العظم . وقوله { كل من عليها فان } إخبار من الله تعالى أن جميع من على وجه الارض من العقلاء يفنون ويخرجون من الوجود إلى العدم . وإذا ثبت ذلك وكانت الجواهر لا تفنى إلا بفناء يضادها على الوجود ، فاذا وجد الفناء انتفت الجواهر كلها ، لانها إختصاص له بجوهر دون جوهر ، فالآية دالة على عدم جميع الاجسام على ما قلناه ، لانه إذا ثبت عدم العقلاء بالآية ثبت عدم غيرهم ، لانه لا يفرق من الأمة أحد بين الموضعين . وقوله { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } معناه ويبقى ربك الظاهر بأدلته كظهور الانسان بوجهه فالوجه يذكر على وجهين : احدهما - بعض الشيء كوجه الانسان . الثاني - بمعنى الشيء المعظم في الذكر كقولهم : هذا وجه الرأى ، وهذا وجه التدبير أي هو التدبير ، وهو الرأي . والاكرام والاعظام بالاحسان ، فالله تعالى يستحق الاعظام بالاحسان الذي هو في أعلى مراتب الاحسان . ومعنى ذو الجلال ذو العظمة بالاحسان . وقوله { يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن } معناه يسأل الله تعالى من في السموات والارض من العقلاء حوائجهم ، ويضرعون اليه . ثم قال { كل يوم هو في شأن } فالشان معنى له عظم ، وكذلك قال كل يوم هو في شان ، ويقال : لا يشغله شأن عن شأن . والمعنى إن كل يوم الله تعالى في شأن من احياء قوم وإماتة آخرين ، وعافية قوم ومرض غيرهم ، ونجاة واهلاك ورزق وحرمان وغير ذلك من الامور والنعمة . وقوله { كل من عليها فان } فى التسوية بين الخلق في الفناء { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد فسرناه .