Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 31-36)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سبع آيات حجازى وست في ما عداه ، عد الحجازيون { من نار } ولم يعده الباقون . قرأ { شواظ } - بكسر الشين - أهل مكة . الباقون بضمها ، وهما لغتان مثل صوار وصوار . وقرأ { نحاس } بالجر أهل مكة والبصرة ، غير يعقوب عطفاً على ( نار ) . الباقون بالرفع عطفاً على { شواظ } وقرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { سيفرغ } على تقدير سيفرغ الله لكم . الباقون - بالنون - على وجه الاخبار من الله عن نفسه يعني قوله { سنفرغ لكم } من أبلغ الوعيد وأعظم التهديد . وقيل في معناه قولان : أحدهما - سنفرغ لكم من الوعيد وينقضي ويأتيكم المتوعد به فشبه ذلك بمن فرغ من شيء وأخذ في غيره . الثاني - إنا نستعمل عمل من يتفرغ للعمل لتجويده من غير تضجيع فيه كما يقول : القائل : سأتفرغ لك . والله تعالى لا يشغله شيء عن شيء ، لانه من صفات الاجسام ، وهو من أبلغ الوعيد لأنه يقتضي أن يجازى بصغير ذنبه وكبيره إذا كان مستحقاً لسخط الله . والفراغ انتفاع القاطع عنه من القادر عليه . والشغل والفراغ من صفات الاجسام التي تحلها الأعراض ، وشغلها عن الاضداد في تلك الحال ولذلك وجب ان يكون في صفة القديم تعالى مجازاً . وقوله { أيها الثقلان } خطاب للجن والانس ، وإنما سميا ثقلين لعظم شأنهما بالاضافة إلى ما في الارض من غيرهما ، فهما أثقل وزناً لعظم الشأن بالعقل والتمكين والتكليف لاداء الواجب في الحقوق ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " يريد عظيمي المقدار ، فلذلك وصفهما بأنهما ثقلان . وقوله { إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض } قال الضحاك : ان استطعتم أن تنفذوها ربين من العذاب يقال : لهم ذلك يوم القيامة . وقال قوم : معناه إن استطعتم أن تنفذوها ربين من الموت فاهربوا فانه حيث كنتم أدرككم الموت . وقال ابن عباس : معناه إن استطعتم أن تعلموا ما فى السموات والارض فاعلموا أنه لا يمكنكم ذلك . وقوله { لا تنفذون إلا بسلطان } معناه إلا بحجة وبيان . وقيل معناه : إلا بملك وقهر ، وليس لكم ذلك . وقال الزجاج : المعنى { فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان } أي حيثما كنتم شاهدين . ثم حجة الله وسلطانه الذي يدل على توحيده وواحد الاقطار قطر وهي الاطراف - في قول سفيان - فانفذوا في صورة الأمر والمراد به التحدي . ثم قال { لا تنفذون إلا بسلطان } وهو القوة التي يتسلط بها على الأمر { فبأي آلاء ربكما تكذبان } وقد فسرناه . وفائدة الآية أن عجز الثقلين عن الهرب من الجزاء كعجزهم عن النفوذ من الاقطار ، وفي ذلك اليأس من رفع الجزاء بوجه من الوجوه ، فلينظر امرء ما يختار لنفسه مما يجازى به . وقوله { يرسل عليكما شواظ من نار } فالشواظ لهب النار - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة - ومنه قول رؤبة : @ إن لهم من وقعنا أيقاظاً ونار حرب تسعر الشواظا @@ والنحاس الصفر المذاب للعذاب - فى قول ابن عباس ومجاهد وسفيان وقتادة - وفي رواية أخرى عن ابن عباس وسعيد : النحاس الدخان قال النابغة الجعدي : @ يضيء كضوء سراج السليـ ـط لم يجعل الله فيها نحاساً @@ أي دخانا . والسليط دهن السمسم . وقال قوم : هو دهن السنام . وقال الفراء : هو دهن الزيت . وقوله { فلا تنتصران } أي لا تقدران على دفع ذلك عنكما ، ووجه النعمة في إرسال الشواظ من النار والنحاس على الثقلين هو ما لهم في ذلك من الزجر في دار التكليف عن مواقعة القبيح ، وذلك نعمة جزيلة ، فلذلك قال { فبأي آلاء ربكما } معاشر الجن والانس { تكذبان } .