Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 37-45)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمان آيات بصرى وتسع في ما عداه ، عدّ الكل { يكذب بها المجرمين } ولم يعده البصريون . يقول الله تعالى { فإذا انشقت السماء } ومعناه إن ينفك بعضها عن بعض ، فالسماء تنشق يومئذ وتصير حمراء كالوردة . ثم تجرى كالدهان قال الفراء : الوردة الفرس الوردة . وقال الزجاج : يتلون كما يتلون الدهان المختلفة أى فكان كلون فرس ورده ، وهو الكميت فيتلون في الشتاء لونه بخلاف لونه في الصيف ، وكذلك في الفصول فسبحان خالقها والمصرّف لها كما يشاء . والوردة واحدة الورد ، وإنما تصير السماء كالوردة في الاحمرار ثم تجري كالدهان ، وهو جمع دهن كقولك قرط وقراط عند انقضاء الأمر وتناهي المدة . وقال الحسن : هي كالدهان أى كالدهن الذى يصب بعضه على بعض بألوان مختلفة . وقيل : تمور كالدهن صافية . وقال قتادة : لونها حينئذ الحمرة كالدهان في صفاء الدهن وإشراقه . وقال قوم : إن السماء تذوب يوم القيامة من حر نار جهنم فتصير حمراء ذائبة كالدهن . قال الجبائي : وروي أن السماء الدنيا من حديد وليس في الآية ما يدل ما قاله ، لاحتمال ذلك ما قاله المفسرون . والأقوال التي ذكرناها . وقال الفراء : الدهان الأديم الأحمر ووجه النعمة في إنشقاق السماء حتى وقع التقرير بها فى قوله { فبأى آلاء ربكما تكذبان } هو ما فى الاخبار به من الزجر والتخويف بانشقاق السماء فوقع فى السبب ولا يصلح فى المسبب أن يكون منفعة ، ولكن لسبب النفع الذى هو الزجر فى دار الدنيا ، فلذلك وقع التقرير بقوله { فبأى آلاء ربكما تكذبان } . وقوله { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان } معناه لا يسأل فى ذلك الموطن لما يلحقه من الدهش والذهول الذى تحار له العقول ، وإن وقعت المسألة فى وقت غيره بدلالة قوله { وقفوهم إنهم مسؤلون } وقال قتادة : يكون المسائلة قبل ثم يختم على الافواه عند الجحد فتنطق الجوارح . وقيل : معناه إن يومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان ليعرف المذنب من المؤمن المخلص ، لان الله تعالى قد جعل عليهم علامة كسواد الوجوه وقبح الخلق ولم يدخل فى ذلك سؤال المحاسبة للتوبيخ والتقريع ، لأنه تعالى قال { وقفوهم إنهم مسؤلون } وتقدير الاية فيومئذ لا يسأل أنس عن ذنبه ولا جان عن ذنبه . وقيل : يجوز أن يكون المراد أنه لا يسأل احد من انس ولا جان عن ذنب غيره ، وإنما يسأل هو سؤال توبيخ عن فعل نفسه . وقوله { يعرف المجرمون بسيماهم } معناه إن الله تعالى جعل للكفار والعصاة علامات تعرفهم بها الملائكة والسيماء العلامة . ومنه قوله { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } وهو مشتق من السوم وهو رفع الثمن عن مقداره ، ومنه { مسومين } أي معلمين بعلامة والعلامة يرفع باظهارها لتقع المعرفة بها والمعرفة هي العلم عند المتكلمين . وقال بعض النحويين : إن متعلق المعرفة المفرد ومتعلق العلم الجملة كقولهم عرفت زيداً وعلمت زيد قائماً ولو جئت بقائم فى عرفت لكان حالا ولم يخرج عن معرفة زيد . وقوله { فيؤخذ بالنواصي والأقدام } قال الحسن : يجمع بين ناصيته وقدمه بالغل فيسحب إلى النار . والناصية شعر مقدم الرأس ، ومنه ناصية الفرس ومنه قوله تعالى { لنسفعاً بالناصية } أي ليقترن بها ما سحقته النار إذلالا لها وأصله الاتصال من قول الشاعر : @ فى يناصيها بلادقى @@ أي يتصل بها فالناصية متصلة بالرأس و ( الاقدام ) جمع قدم وهو العضو الذي يقدمه صاحبه للوطيء به على الأرض . وقيل : يأخذهم الزبانية بنواصيهم وأقدامهم فتسحبهم إلى النار أى تأخذهم تارة بذا ، وتارة بذا . وقال الحسن وقتادة يعرفون بأنهم سود الوجوه زرق العيون ، كما قال تعالى { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } { فبأى آلاء ربكما تكذبان } وجه النعمة بذلك ما فيه من الزجر عن المعاصي والترغيب فى الطاعات وذلك نعمة من الله على العباد فى الدين . وقوله { هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون } معناه يقال لهم يوم القيامة إذا شاهدوا جهنم { هذه جهنم } ويحتمل أن يكون المراد هذه جهنم التي وصفتها هي التي يكذب بها المجرمون الكفار بنعم الله { يطوفون بينها وبين حميم آن } قيل : يطوفون بين أطباقها فى عذاب النار ، وبين الحميم آن . والحميم الماء الحار . والآن الذي بلغ نهايته . والمراد - ها هنا - هو الذى قد بلغ نهاية حرّه من آنى يأنى إنياً فهو آن ، ومنه قوله { غير ناظرين إناه } يعني نضاجه وبلوغه غايته { فبأي آلاء ربكما تكذبان } والاخبار بذلك لطف وزجر عن المعاصي فلذلك كانت نعمة اعتد بها وقرر بها .