Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 46-55)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما وصف الله تعالى ما أعد للكفار من أنواع العذاب ، بين بعد ذلك ما أعد للمؤمنين والمتقين ، فقال { ولمن خاف مقام ربه جنتان } والمعنى ولمن خاف المقام الذي يقفه فيه ربه للمسائلة عما عمل في ما يجب عليه مما أمره به أو نهاه عنه ، فيكفه ذلك عما يدعوه هواه اليه يصبر صبر مؤثر للهدى على طريق الردى . والمقام الموضع الذي يصلح للقيام فيه وبضم الميم الموضع الذي يصلح للاقامة فيه . والجنتان اللتان وعد الله من وصفه بهما قيل هما جنتان : إحداهما داخل قصره والأخرى خارج قصره على ما طبع الله تعالى العباد عليه من شهوة ذلك وجلالته فشوقوا إلى ما في طباعهم شهوة مثله . ثم وصف الجنتين فقال { ذواتا أفنان } والافنان جمع ( فن ) وهو الغصن الفصن الورق ، ومنه قولهم : له فنون ، وهذا فن آخر أي نوع آخر أي ضرب آخر ، وفيه فنون أي ضروب مختلفة ، ويجوز أن يكون جمع فن . وقال ابن عباس : معناه ذواتا ألوان . وقال عكرمة . ظل الاغصان على الحيطان . وقال الضحاك : ذواتا ألوان يفضل بها على ما سواها { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد بيناه . وقوله { فيهما عينان تجريان } اخبار منه تعالى أن فى الجنتين اللتتين وعدتهما المؤمنين عينين من الماء تجريان بين أشجارها ، فالجاري هو الذاهب ذهاب الماء المنحدر ، فكل ذاهب على هذه الصفة فهو جار ، وصفت بالعين لصفائها أو بأنها جارية لأنه أمتنع لها { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد فسرناه . وقوله { فيهما من كل فاكهة زوجان } معناه إن فى تلك الجنتين من كل ثمرة نوعين وضربين متشاكلين كتشاكل الذكر والانثى ، فلذلك سماهما ( زوجين ) وذلك بالرطب واليابس من العنب والزبيب والتين والرطب واليابس ، فكذلك سائر الأنواع لا يقصر يابسه عن رطبه فى الفصل والطيب إلا أنه امتنع وأعذب بأن يكون على هذا المنهاج . وقيل : فيهما من كل نوع من الفواكه ضربان ضرب معروف وضرب من شكله غريب ، وكل ذلك للاطراف والامتاع { فبأي آلاء ربكما تكذبان . متكئين على فرش بطائنها من إستبرق } فالاتكاء الاستناد للتكرمة والامتناع والمتكى هو ما يطرح للانسان فى مجالس الملوك للاكرام والاجلال إتكا يتكي إتكاءاً ، فهو متكي ، ومنه وكاة السقاء إذا شددته ، ومنه قوله صلى الله عليه وآله " العين وكاء الجسد " والاتكاء شدة التقوية للاكرام والامتاع . وهو نصب على الحال { على فرش } وهو جمع فراش وهو الموطأ الممهد للنوم عليه بطائنها ، وهو جمع بطانة وهي باطن الظهار ، فالبطانة من اسفله والظاهرة من أعلاه . وقوله { وجنا الجنتين دان } فالجنى الثمرة التي قد أدركت فى الشجرة وصلح أن تحبى غضه قال الشاعر : @ هذا جناي وضياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه @@ والاستبرق الغليظ من الديباج - فى قول عكرمة وابن اسحاق - وقيل : ان ثمارها دانية لا يرد يده عنها بعد ، ولا شوك - فى قول قتادة - وقيل : الظواهر من سندس وهو الديباج الرقيق ، والبطاين من أستبرق وهو الديباج الغليظ . وقيل : الاستبرق المتاع الصيني من الحرير ، وهو بين الغليظ والرقيق . وقال الفراء : الاستبرق غليظ الديباج . وقوله { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد تكرر تفسيره .