Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 11-15)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

خمس آيات كوفى وأربع فيما عداه ، عد الكوفيون { من قبله العذاب } ولم يعده الباقون قرأ ابن كثير { فيضعفه } بالتشديد وضم الفاء ، وبه قرأ ابن عامر إلا انه فتح الفاء . وقد مضى تفسيره في البقرة ، وقرأ حمزة وحده { للذين آمنوا انظرونا } بقطع الهمزة وكسر الظاء . الباقون بوصلها وضم الظاء . وقرأ ابو جعفر وابن عامر ويعقوب وسهل { فاليوم لا تؤخذ } بالتاء لتأنيث الفدية . الباقون - بالياء - لان التأنيث ليس بحقيقي . وقد فصل بين الفعل والفاعل بـ { منكم } . قال الحسن : معنى قوله { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } هو التطوع في جميع الدين . وقال غيره : معناه من ذا الذي ينفق في سبيل الله إنفاقاً كالقرض والقرض اخذ الشيء من المال باذن صاحبه بشرط ضمان رده ، وأصله القطع ، فهو قطعه عن مالكه باذنه لانفاقه على رد مثله . والعرب تقول : لي عندك قرض صدق وقرض سوء إذا فعل به خيراً او شراً قال الشاعر : @ ونجزي سلامان بن مفرح قرضها بما قدمت أيديهم وازلت @@ وقوله { فيضاعفه له } فالمضاعفة الزيادة على المقدار مثله او أمثاله ، وقد وعد الله بالحسنة عشر امثالها ، والانفاق في سبيل الله حسنة فهو داخل في هذا الوعد ومن شدد العين ، فلان الله وعد بالحسنة عشر أمثالها . ومن ضم الفاء جعله عطفاً على من ذا الذي يقرض فيضاعفه او على تقدير فهو يضاعفه . ومن نصب فلأنه جواب الاستفهام . وقوله { وله أجر كريم } معناه إن له مع مضاعفة ما أنفقه اجراً زائداً كريماً ، فالكريم الذي من شأنه ان يعطي الخير العظيم ، فلما كان الأجر يعطي النفع العظيم ، كان الأجر كريماً ، لانه يوجد شرف النفع بما لا يلحقه ما ليس بأجر . وقوله { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم } فـ { يوم } يتعلق بقوله { لهم أجر كريم … يوم ترى } قال قتادة : معناه إنه يسعى نورهم أي الضياء الذي يرونه { بين أيديهم وبأيمانهم } وقال الضحاك : نورهم هداهم . قال { وبأيمانهم } كتبهم . وقيل { وبأيمانهم } معناه وعن أيمانهم . وقيل : وفي أيمانهم . وقوله { بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار } أي تجري تحت اشجارها الانهار ، أي يقال لهم : الذي تبشرون به اليوم جنات تجرى من تحتها الانهار { خالدين فيها } أى مؤبدين لا يفنون . ثم قال { ذلك هو الفوز العظيم } فعظم الفوز والفلاح يتضمن اجلال النعمة والاكرام مع الحمد بالاحسان على طريق الدوام ، فكل ما فعل من أجل الثواب فالنعمة به أجل والاحسان به اعظم . وقوله { يوم يقول المنافقون والمنافقات } يجوز أن يتعلق { يوم } بقوله { ذلك هو الفوز العظيم … يوم } أي في يوم ، ويجوز ان يكون على تقدير واذكر يوم يقول المنافقون والمنافقات { للذين آمنوا } ظاهراً وباطناً { انظرونا } فمن قطع الهمزة اراد أخرونا ولا تعجلوا علينا واستأخروا نستضيء بنوركم . ومن وصلها اراد ينظرون . وقيل : انظرني ايضاً بمعنى انتظرني ، قال عمرو ابن أم كلثوم : @ أبا هند فلا تعجل علينا وانظرنا نخبرك اليقينا @@ ويقال : انظرني بمعنى اخرني . وقوله { نقتبس من نوركم } فالنور الضياء ، وهو ضد الظلمة ، وبالنور يستضاء في البصر وفي الامور ، وفي البصر نور وكذلك في النار . ومعنى { نقتبس } نأخذ قبساً من نوركم ، وهو جذوة منه فقالوا لهم { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً } أى ارجعوا إلى خلفكم فاطلبوا النور فانه لا نور لكم عندنا ، فاذا تأخروا ضرب الله بينهم بسور . ومن وصلها أراد انتظرونا . ثم اخبر تعالى فقال { فضرب بينهم } يعني بين المؤمنين وبين المنافقين { بسور } والباء زائدة وهو المضروب بين الجنة والنار { له باب باطنه فيه الرحمة } لأن فيه الجنة { وظاهره من قبله العذاب } يعني من قبل المنافقين العذاب ، لكون جهنم هناك . ثم حكى الله تعالى أنهم { ينادونهم } يعني المنافقون فيقولون لهم { ألم نكن معكم } في دار الدنيا ومخالطين لكم ومعاشرين ، فيجيبهم المؤمنون فيقولون { بلى } كنتم معنا { ولكنكم فتنتم أنفسكم } أى تعرضتم للفتنة وتربصتم بالمؤمنين الدوائر { وارتبتم وغرتكم الأماني } أي شككتم فيما اخبركم به رسولنا وغركم ما كنتم تمنون حتى طمعتم في غير مطمع { حتى جاء أمر بالله } في نصرة نببه والمؤمنين معه وغلبته إياكم { وغركم بالله الغرور } يعني الشيطان وسمي بذلك لكثرة ما يغر الناس . ومن غر غيره مرة واحدة فهو غار . وقرىء بالضم ، وهو كل ما غر من متاع الدنيا - ذكره الزجاج - والغرور بضم الغين المصدر . ثم يقول لهم الملائكة او المؤمنون { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية } أى ما تفدون به أنفسكم لا يقبل منكم { ولا } يؤخذ { من الذين كفروا } الفداء { ومأواكم } أى مقركم وموضعكم الذى تأوون اليه { النار هي مولاكم } أى هي اولى بكم { وبئس المصير } أى بئس المأوى والموضع والمرجع اليه قال لبيد : @ قعدت كلا الفرجين تحسب انه مولى المخافة خلفها وأمامها @@ أى تحسب أن كليهما اولى بالمخافة .