Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 80-80)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل المدينة وابن ذكوان { أتحاجوني } بتخفيف النون . الباقون بتشديدها . وقرأ الكسائي والعبسي { وقد هداني } بالامالة . الباقون بالتفخيم . قال ابو علي : من شدد فلا نظر في قوله . ومن خفف فانه حذف النون الثانية لالتقاء الساكنين . والتضعيف يكره ، فيتوصل الى ازالته تارة بالحذف نحو علم أني فلان ، وتارة بالابدال نحو لا املاه عني تفارقا ، ونحو ديوان وقيراط ، فحذفوا الثانية منهما كراهية التضعيف . ولا يجوز ان يكون المحذوفة الاولى ، لان الاستثقال يقع بالتكرير في الامر الاعم وفي الاولى أيضا أنها دلالة الاعراب ولذا حذفت الثانية كما حذف الشاعر في قوله : @ ليتي أصادفه وافقد بعض مالي @@ وقال بعضهم حذف هذه النون لغة غطفان . وحكى سيبويه هذه القراءة مستشهدا بها في حذف النونات كراهية التضعيف . اما إِمالة ( هداني ) فحسنة ، لانه من هدى يهدي ، فهو من الياء . واذا كانوا أمالوا ( غزا ، ودعا ) ، لانه قد يصير الى الياء في غزي ودعي . فهذا لا اشكال في حسنه . قوله { وحاجة قومه } يعني في وجوب عبادة الله وترك عبادة آلهتهم وخوَّفوه من تركها وان لا يأمن ان تخبله آلهتهم من الاصنام وغيرها ، فقال لهم ابراهيم ( ع ) { أتحاجوني في الله وقد هداني } بأن وفقني لمعرفته ولطف بي في العلم بتوحيده وترك الشرك واخلاص العبادة له { ولا أخاف ما تشركون به } أي لا اخاف منه ضررا ان كفرت به ولا أرجو نفعا إِن عبدته ، لانه بين صنم قد كسر ، فلم يدفع عن نفسه أو نجم دل أفوله على حدوثه ، فكيف تحاجوني وتدعونني الى عبادة من لا يخاف ضرره ولا يرجا نفعه { إلا أن يشاء ربي شيئا } فيه قولان : احدهما - الا أن يقلبها الله ، فيحييها ويقدرها فتضر وتنفع ، فيكون ضررها ونفعها اذ ذاك دليلا على حدوثها أيضا ، وعلى توحيد الله وأنه المستحق للعبادة دون غيره وانه لا شريك له في ملكه ، ثم أثنى عليه تعالى فأخبر بأنه عالم بكل شىء ، وامرهم بالتذكر والتدبر لما أورده عليهم مما لا يدفعونه ولا يقدرون على انكاره ان انصفوا . الثاني - قال الحسن : قوله : { ولا أخاف ما تشركون به } أي لا اخاف الاوثان { إلا أن يشاء ربي شيئا } استوجبه على الله تعالى ، او يشاء الله ان يدخلني في ملتكم بالكفر . والاول هو الاجود . { أتحاجوني } أصله ( أتحاجونني ) بنونين احداهما للجمع والاخرى لاسمه ، فأدغمت احداهما في الاخرى ، فشددت ومثله ( تأمر ونني ) وقد يخفف مثل هذا في بعض المواضع ، قال الشاعر : @ أبا لموت الذي لا بد أني ملاق لا أباك تخوفيني @@ فجاء بنون واحدة وخففها ، والاول أجود واكثر في العربية .