Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 11-15)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى مخاطباً لخلقه انه ليس يصيبكم مصيبة إلا باذن الله . والمصيبة المضرة التي تلحق صاحبها كالرمية التي تصيبه . ومنه الصواب بأنه أصابه الحق كالرمية فى اصابة البغية . وقيل : إنما عمم قوله { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله } وفى المصائب ما هو ظلم ، والله لا يأذن فى الظلم ، لانه لا يحسن فى الحكمة ، الا ترى انه ليس منها إلا ما أذن الله فى وقوعه او التمكن منه وذلك أذن للملك الموكل به كأنه قبل له لا تمنع من وقوع هذه المصيبة . وقد يكون ذلك بفعل التمكن من الله كأنه يأذن له ان يكون . وقال البلخي : معناه إلا بتخلية الله بينكم وبين من يريد فعلها . وقال قوم : هو خاص فيما يفعله الله تعالى او يأمر به ، ويجوز ايضاً ان يكون المراد بالأذن - ها هنا - العلم ، فكأنه قال لا يصيبكم من مصيبة إلا والله تعالى عالم بها . ثم قال { ومن يؤمن بالله } أي من يصدق بالله ويعترف بواحدانيته { يهد قلبه } أي يحكم بهدايته . ويجوز ان يكون المراد يشرح صدره للايمان . وقيل : معناه يهدي قلبه بأن المصيبة باذن الله - ذكره ابن عباس وعلقمة - قال هو الرجل تصيبه المصيبة فيسلم ويرضى ويعلم أنها من عند الله ، وقال الفراء : هو أن يقول : إنا لله وإنا اليه راجعون ، وقال غيره : معناه إذا ابتلي صبر ، وإذا انعم عليه شكر ، وإذا ظلم غفر . وقرأ ابو بكر { يهد قلبه } - بفتح الدال - بمعنى يسكن قلبه { والله بكل شيء عليم } لا يخفى عليه شيء من ذلك . ثم أمرهم فقال { وأطيعوا الله } فيما أمركم به { وأطيعوا الرسول } فيما أمركم به ونهاكم عنه { فإن توليتم } أي فان أعرضتم عن القبول منه وتوليتم عن الحق فليس على رسولنا قهركم الى الرد إلى الحق { فإنما على الرسول البلاغ المبين } الظاهر ، وحذف ايجازاً ثم قال { الله } الذي يحق له العبادة { لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون } فالتوكل هو تفويض الامر الى الله بأنه يتولاه على الحق فيه وقد أمر الله بالتوكل عليه فينبغي للمسلم أن يستشعر ذلك فى سائر احواله وقال قوم : التوكل تفويض الأمر إلى مالكه لتدبره بالحق فيه . والوكيل المالك للتدبير فيمن فوض الامر اليه فيه . ثم خاطب تعالى المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم } قال ابن عباس : نزلت الآية فى قوم اسلموا بمكة وأرادوا الهجرة فمنعوهم من ذلك ، وقال عطاء بن بشار : نزلت فى قوم أرادوا البر فمنعهم هؤلاء . وقال مجاهد : هي فى قوم إذا أرادوا طاعة الله منعهم أزواجهم واولادهم فبين الله تعالى أن فى هؤلاء من هو عدوّ لكم فى الدين فاحذروهم فيه . و ( من ) دخلت للتبعيض لأنه ليس حكم جميع الأزواج والأولاد هذا الحكم . والعداوة المباعدة من الخير بالبغضة ونقيضها الولاية وهي المقاربة من الخير بالمحبة . والاذن الاطلاق فى الفعل ، تقول : يسمع بالاذن ، فهذا أصله ، ثم قد يتسع فيه بما يقارب هذا المعنى . ثم قال { وإن تعفوا } يعني تتركوا عقابهم { وتصفحوا } وتعرضوا عما كان منهم { وتغفروا } أي تستروا ذنوبهم إذا تابوا واقلعوا عنها { فإن الله غفور } أي ستار على خلقه { رحيم } بهم . ثم قال { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } أي محنة وابتلاء . وقال قتادة : يعني بلاء . والفتنة المحنة التي فيها مشقة تمنع النفس عما تدعو اليه الشهوة { والله عنده أجر عظيم } أي ثواب جزيل على الصفح والعفو وغيرهما من الطاعات .