Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 12-15)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما وصف الله تعالى الكفار وما أعده لهم من أليم العقاب ، ذكر المؤمنين وما أعده لهم من جزيل الثواب ، فقال { إن الذين يخشون ربهم } أي يخافون عذاب ربهم باتقاء معاصيه وفعل طاعاته { بالغيب } أي على وجه الاستسرار بذلك لان الخشية متى كانت بالغيب على ما قلناه كانت بعيدة من النفاق ، وخالصة لوجه الله . وخشية الله بالغيب تنفع بأن يستحق عليها الثواب ، والخشية في الظاهر وترك المعاصي لا يستحق بها الثواب وإنما لا يستحق عليها العقاب . وإنما الخشية في الغيب أفضل لا محالة . وقوله { لهم مغفرة وأجر كبير } أي لمن خشي الله واتقاه بالغيب ستر الله على معاصيه ولهم ثواب كبير لا فناء له . وقيل : معنى { يخشون ربهم بالغيب } أي يخافونه ، وهم لا يرونه . وقيل { بالغيب } أي في سرهم وباطنهم ، ومن علم ضمائر الصدور علم إسرار القائل إلى غيره . وقال الحسن : معناه يخشون ربهم بالآخرة لانها غيب يؤمنون به ، وكل من خشي ربه بالغيب خشيه بالشهادة ، وليس كل من خشيه بالشهادة يخشى بالغيب . ثم قال مهدداً للعصاة { وأسروا قولكم أو اجهروا به } ومعناه إن شئتم أظهروه وإن شئتم ابطنوه فانه عالم بذلك لـ { إنه عليم بذات الصدور } فمن علم ضمائر الصدور علم إسرار القول . وقوله { ألا يعلم من خلق } معناه من خلق الصدور يعلم ما في الصدور ويجوز ان يكون المراد ألا يعلم من خلق الاشياء ما في الصدور . وقيل تقديره ألا يعلم سر العبد من خلقه يعني من خلق العبد ، ويجوز أن يكون المراد ألا يعلم سر من خلق ، وحذف المضاف وأقام المضاف اليه مقامه . ولا يجوز أن يكون المراد ألا يعلم من خلق افعال القلوب ، لأنه لو أراد ذلك لقال ألا يعلم ما خلق ، لانه لا يعبر عما لا يعقل بـ { من } ولا يدل ذلك على أن الواحد منا لا يخلق أفعاله من حيث أنه لا يعلم الضمائر ، وإنا بينا أن المراد ألا يعلم من خلق الصدور أي خلق الاشياء والواحد منا لا يخلق ذلك فلا يجب أن يكون عالماً بالضمائر . وقوله { وهو اللطيف الخبير } معناه هو اللطيف بعباده من حيث يدبرهم بلطف التدبير ، فلطيف التدبير هو الذي يدبر تدبيراً نافذاً لا يخفو عن شيء يدبره به { الخبير } معناه العالم بهم وبأعمالهم . ثم قال تعالى ممتناً على خلقه ومعدداً لأنواع نعمه عليهم { هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً } يعني سهلا سهلها لكم تعملون فيها ما تشتهون { فامشوا في مناكبها } قال مجاهد : مناكبها طرقها وفجاجها . وقال ابن عباس وقتادة : مناكبها جبالها { وكلوا من رزقه } صورته صورة الأمر والمراد به الاباحة والأذن ، أذن الله تعالى أن يأكلوا مما خلقه لهم وجعله لهم رزقاً على الوجه الذي أباحه لهم { وإليه النشور } أي إلى الله المرجع يوم القيامة واليه المآل والمصير فيجازي كل واحد حسب عمله . وفي ذلك تهديد .