Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 16-21)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير { وإليه النشور وأمنتم } بواو في الوصل قلباً لهمزة الاستفهام واواً لضم ما قبلها . وقرأ اهل الكوفة واهل الشام بهمزتين على أصولهم . الباقون بتحقيق الأولى وتخفيف الثانية . يقول الله تعالى مهدداً للمكلفين وزاجراً لهم عن إرتكاب معاصيه والجحد لربوبيته على لفظ الاستفهام والمراد به تفخيم الامر وتعظيم التبكيت { أأمنتم من في السماء } فالأمن هو اطمينان النفس إلى السلامة من الخوف ، والأمن علم بسلامة النفس من الضرر يقال أمن يأمن أمناً وأمنه يؤمنه إيماناً وأماناً ، والمعنى أأمن من فى السماء سلطانه وامره ونهيه ، كما قال { وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم } أي وهو الله في السموات وفي الأرض معلومه ، لا يخفى عليه شيء منه . وقيل : ايضاً يجوز ان يكون المراد { أأمنتم من في السماء } يعني الملك الكائن فى السماء { أن يخسف بكم الأرض } بأمر الله ، فاذا هي تمور أي تردد ، فالمور هو التردد في الذهاب والمجيء ، يقال : مار يمور موراً فهو مائر ، ومثله ماج يموج موجاً . وقوله { أأمنتم من السماء أن يرسل عليكم حاصباً } فالحاصب الحجارة التي يرمى بها كالحصباء ، حصبه بالحصباء يحصبه حصباً إذا رماه بها . ويقال للذى يرمى به حاصب أي ذو حصب كأن الحجر هو الذي يحصب . وقيل : تقديره آمنوا قبل ان يرسل عليكم حاصباً ، كما أرسل على قوم لوط حجارة من السماء . وقوله { فستعلمون كيف نذير } فيه تهديد أي ستعرفون كيف تخويفي وترهيبي إن عصيتموني إذا صرتم إلى عذاب النار . ثم قال مقسماً { ولقد كذب الذين من قبلهم } أي جحد من قبل هؤلاء الكفار من الأمم وحدانيتي واشركوا بي غيري في العبادة وكذبوا رسلي { فأهلكتهم } واستأصلتهم { فكيف كان نكير } أي ألم اهلكهم بضروب النقمات والمثلاث . ثم قال منبهاً لهم على توحيده { أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات } أي مصطفاة فوق رؤسهم في الجو باسطات أجنحتهم { ويقبضن } أي يضربن بها . أى من الطير ما يضرب بجناحيه فيدف ، ومنه الصفيف والدفيف { ما يمسكهن إلا الرحمن } أى ليس يمنعهن من السقوط إلى الارض إلا الرحمن الذى خلق لهم الالات التي يصفون بها ويدفون ، وما خلق فيها من القدرة على ذلك ، ولولا ذلك لسقطت إلى الارض . وقيل معنى ما يمسكهن إلا الرحمن بتوطئة الهواء لها ، ولولا ذلك لسقطت ، وفي ذلك أكبر دلالة ، وأوضح عبرة بأن من سخر الهواء هذا التسخير هو على كل شيء قدير . والصف وضع الاشياء المتوالية على خط مستقيم ، والقبض جمع الشيء من حال البسط . والامساك اللزوم المانع من السقوط . وقوله { إنه بكل شيء بصير } اخبار منه تعالى انه عالم بجميع الاشياء لا يخفى عليه شيء منها { بصير } بما للخلق من النفع والضر . ثم قال { أمّن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن } أى من لكم معاشر الكفار يدفع عنكم عذاب الله إذا حل بكم { إن الكافرون إلا في غرور } معناه ليس الكافرون بالله العابدون للأوثان إلا في غرور أى يتوهمون أن ذلك أنفع لهم والأمر على خلاف ذلك من المكروه . ثم قال { أم من هذا الذى يرزقكم إن أمسك } الله { رزقه } بأن يزيله ويمنعه منكم ، فينزل عليكم رزقه { بل لجوا في عتو ونفور } فاللجاج تقحم الامر كثيراً رداً للصارف عنه ، يقال لجج في الأمر يلج لجاجاً ، وقد لاجه ملاجة ولجج فلان في الحرب فهو يلج تلجيجاً . ولما كان لهؤلاء المشركين صوارف كثيرة من عبادة الأوثان وهم يتقحمون على ذلك العصيان كانوا قد لجوا في عتوهم . والعتو الطغيان وهو الخروج الى فاحش الفساد ، يقال : عتا يعتو عتواً فهوعات وجمعه عتاة . والنفور الخروج عن الشيء هرباً من الشعور بضرره ، ونقيض النفور القبول وقال الجبائي : قوله { أمن هذا الذي } إلى قوله { إن أمسك رزقه } تعريف حجة عرفها الله لعباده فعرفوا وأقروا بها ، ولم يردوا لها جواباً فقال الله { بل لجوا في عتو ونفور } .