Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 100, Ayat: 6-8)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الواحدي : أصل الكنود منع الحق والخير والكنود الذي يمنع ما عليه ، والأرض الكنود هي التي لا تنبت شيئاً ثم للمفسرين عبارات ، فقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة : الكنود هو الكفور قالوا : ومنه سمي الرجل المشهور كندة لأنه كند أباه ففارقه ، وعن الكلبي الكنود بلسان كندة العاصي وبلسان بني مالك البخيل ، وبلسان مضر وربيعة الكفور ، وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن : الكنود هو الكفور الذي يمنع رفده ، ويأكل وحده ، ويضرب عبده ، وقال الحسن : الكنود اللوام لربه يعد المحن والمصائب ، وينسى النعم والراحات ، وهو كقوله : { وَأَمَّا إِذَا مَا ٱبْتَلَـٰهُ فَقَدَّرَهُ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَيَقُولُ رَبّى أَهَانَنِ } [ الفجر : 16 ] . واعلم أن معنى الكنود لا يخرج عن أن يكون كفراً أو فسقاً ، وكيفما كان فلا يمكن حمله على كل الناس ، فلا بد من صرفه إلى كافر معين ، أو إن حملناه على الكل كان المعنى أن طبع الإنسان يحمله على ذلك إلا إذا عصمه الله بلطفه وتوفيقيه من ذلك ، والأول قول الأكثرين قالوا : لأن ابن عباس قال : إنها نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي ، وأيضاً فقوله : { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى ٱلْقُبُور } [ العاديات : 9 ] لا يليق إلا بالكافر ، لأن ذلك كالدلالة على أنه منكر لذلك الأمر . الثاني : من الأمور التي أقسم الله عليها قوله : { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } وفيه قولان : أحدهما : أن الإنسان على ذلك أي على كنوده لشهيد يشهد على نفسه بذلك ، أما لأنه أمر ظاهر لا يمكنه أن يجحده ، أو لأنه يشهد على نفسه بذلك في الآخرة ويعترف بذنوبه القول الثاني : المراد وإن الله على ذلك لشهيد قالوا : وهذا أولى لأن الضمير عائد إلى أقرب المذكورات والأقرب ههنا هو لفظ الرب تعالى ويكون ذلك كالوعيد والزجر له عين المعاصي من حيث إنه يحصى عليه أعماله ، وأما الناصرون للقول الأول فقالوا : إن قوله بعد ذلك : { وَإِنَّهُ لِحُبّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } الضمير فيه عائد إلى الإنسان ، فيجب أن يكون الضمير في الآية التي قبله عائداً إلى الإنسان ليكون النظم أحسن . الأمر الثالث : مما أقسم الله عليه قوله : { وَإِنَّهُ لِحُبّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } الخير المال من قوله تعالى : { إِن تَرَكَ خَيْرًا } [ البقرة : 180 ] وقوله : { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } [ المعارج : 21 ] وهذا لأن الناس يعدون المال فيما بينهم خيراً كما أنه تعالى سمى ما ينال المجاهد من الجراح وأذى الحرب سوءاً في قوله : { لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء } [ آل عمران : 174 ] والشديد البخيل الممسك ، يقال : فلان شديدة ومتشدد ، قال طرفة : @ أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد @@ ثم في التفسير وجوه أحدها : أنه لأجل حب المال لبخيل ممسك وثانيها : أن يكون المراد من الشديدة القرى ، ويكون المعنى وإنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق ، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمه ضعيف ، تقول : هو شديد لهذا الأمر وقوي له ، وإذا كان مطيقاً له ضابطاً وثالثها : أراد إنه لحب الخيرات غير هني منبسط ولكنه شديد منقبض ورابعها : قال الفراء : يجوز أن يكون المعنى وإنه لحب الخير لشديد الحب يعني أنه يحب المال ، ويحب كونه محباً له ، إلا أنه اكتفى بالحب الأول عن الثاني ، كما قال : { ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [ ابراهيم : 18 ] أي في يوم عاصف الريح فاكتفى بالأولى عن الثانية وخامسها : قال قطرب : أي إنه شديد حب الخير ، كقولك إنه لزيد ضروب أي أنه ضروب زيد . واعلم أنه تعالى لما عد عليه قبائح أفعاله خوفه ، فقال :