Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 171-171)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفيه مسائل : المسألة الأولى : أنه تعالى بين أنهم كما يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم على ما ذكر فهم يستبشرون لأنفسهم بما رزقوا من النعيم ، وانما أعاد لفظ { يَسْتَبْشِرُونَ } لأن الاستبشار الأول كان بأحوال الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، والاستبشار الثاني كان بأحوال أنفسهم خاصة . فان قيل : أليس أنه ذكر فرحهم بأحوال أنفسهم والفرح عين الاستبشار ؟ قلنا : الجواب من وجهين : الأول : ان الاستبشار هو الفرح التام فلا يلزم التكرار . والثاني : لعل المراد حصول الفرح بما حصل في الحال ، وحصول الاستبشار بما عرفوا أن النعمة العظيمة تحصل لهم في الآخرة . المسألة الثانية : قوله : { بِنِعْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } النعمة هي الثواب والفضل هو التفضل الزائد . المسألة الثالثة : الآية تدل على ان استبشارهم بسعادة إخوانهم أتم من استبشارهم بسعادة أنفسهم ، لأن الاستبشار الأول في الذكر هو بأحوال الاخوان ، وهذا ، تنبيه من الله تعالى على أن فرح الانسان بصلاح أحوال إخوانه ومتعلقيه ، يجب أن يكون أتم وأكمل من فرحه بصلاح أحوال نفسه . ثم قال : { وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } وفيه مسائل : المسألة الأولى : قرأ الكسائي { وَأَنَّ ٱللَّهَ } بكسر الألف على الاستئناف . وقرأ الباقون بفتحها على معنى : وبأن الله ، والتقدير : يستبشرون بنعمة من الله وفضل وبأن الله لا يضيع أجر المؤمنين والقراءة الأولى أتم وأكمل لأن على هذه القراءة يكون الاستبشار بفضل الله وبرحمته فقط ، وعلى القراءة الثانية يكون الاستبشار بالفضل والرحمة وطلب الأجر ، ولا شك أن المقام الأول أكمل لأن كون العبد مشتغلا بطلب الله أتم من اشتغاله بطلب أجر عمله . المسألة الثانية : المقصود من الآية بيان أن الذي تقدم من إيصال الثواب والسرور العظيم إلى الشهداء ليس حكما مخصوصاً بهم ، بل كل مؤمن يستحق شيئا من الأجر والثواب ، فان الله سبحانه يوصل اليه ذلك الأجر والثواب ولا يضيعه ألبتة . المسألة الثالثة : الآية عندنا دالة على العفو عن فساق أهل الصلاة لأنه بايمانه استحق الجنة فلو بقي بسبب فسقه في النار مؤبداً مخلداً لما وصل اليه أجر إيمانه ، فحينئذ يضيع أجر المؤمنين على إيمانهم وذلك خلاف الآية .