Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 15-15)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال تعالى : { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا } . الفدية ما يفتدى به وهو قولان : الأول : لا يؤخذ منكم إيمان ولا توبة فقد زال التكليف وحصل الإلجاء . الثاني : بل المراد لا يقبل منكم فدية تدفعون بها العذاب عن أنفسكم ، كقوله تعالى : { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَـٰعَةٌ } [ البقرة : 123 ] ، واعلم أن الفدية ما يفتدى به فهو يتناول الإيمان والتوبة والمال ، وهذا يدل على أن قبول التوبة غير واجب عقلاً على ما تقوله المعتزلة لأنه تعالى بين أنه لا يقبل الفدية أصلاً والتوبة فدية ، فتكون الآية دالة على أن التوبة غير مقبولة أصلاً ، وإذا كان كذلك لم تكن التوبة واجبة القبول عقلاً أما قوله : { وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ففيه بحث : وهو عطف الكافر على المنافق يقتضي أن لا يكون المنافق كافراً لوجوب حصول المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه والجواب : المراد الذين أظهروا الكفر وإلا فالمنافق كافر . ثم قال تعالى : { مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِىَ مَوْلَـٰكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } . وفي لفظ المولى ههنا أقوال : أحدها قال ابن عباس : { مَوْلَـٰكُمْ } أي مصيركم ، وتحقيقه أن المولى موضع الولي ، وهو القرب ، فالمعنى أن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه ، والثاني : قال الكلبي : يعني أولى بكم ، وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة ، واعلم أن هذا الذي قالوه معنى وليس بتفسير للفظ ، لأن لو كان مولى وأولى بمعنى واحد في اللغة ، لصح استعمال كل واحد منهما في مكان الآخر ، فكان يجب أن يصح أن يقال : هذا مولى من فلان كما يقال : هذا أولى من فلان ، ويصح أن يقال : هذا أولى فلان كما يقال : هذا مولى فلان ، ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير ، وإنما نبهنا على هذه الدقيقة لأن الشريف المرتضى لما تسمك بإمامة علي ، بقوله عليه السلام : " " من كنت مولاه فعلي مولاه " " قال : أحد معاني مولى أنه أولى ، واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية ، بأن مولى معناه أولى ، وإذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه ، لأن ما عداه إما بين الثبوت ، ككونه ابن العم والناصر ، أو بين الإنتفاء ، كالمعتق والمعتق ، فيكون على التقدير الأول عبثاً ، وعلى التقدير الثاني كذباً ، وأما نحن فقد بينا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير ، وحينئذ يسقط الاستدلال به ، وفي الآية وجه آخر : وهو أن معنى قوله : { هِيَ مَوْلَـٰكُمْ } أي لا مولى لكم ، وذلك لأن من كانت النار مولاه فلا مولى له ، كما يقال : ناصره الخذلان ومعينه البكاء ، أي لا ناصر له ولا معين ، وهذا الوجه متأكد بقوله تعالى : { وَأَنَّ ٱلْكَـٰفِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 11 ] ومنه قوله تعالى : { يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ } [ الكهف : 29 ] .