Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 150-150)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أنه تعالى لما أبطل على الكفار جميع أنواع حججهم بين أنه ليس لهم على قولهم شهود البتة ، وفي الآية مسائل : المسألة الأولى : { هَلُمَّ } كلمة دعوة إلى الشيء ، والمعنى : هاتوا شهداءكم ، وفيه قولان : الأول : أنه يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع ، والذكر والأنثى قال تعالى : { قُلْ هَلُمَّ شُهَدآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشْهَدُونَ } وقال : { وَٱلْقَائِلِينَ لإِخْوٰنِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا } [ الأحزاب : 18 ] واللغة الثانية يقال للاثنين : هلما ، وللجمع : هلموا ، وللمرأة : هلمي ، وللاثنين : هلما ، وللجمع : هلمن . والأول أفصح . المسألة الثانية : في أصل هذه الكلمة قولان : قال الخليل وسيبويه أنها « ها » ضمت إليها « لم » أي جمع ، وتكون بمعنى أدن يقال : لفلان لمة ، أي دنو ، ثم جعلتا كالكلمة الواحدة ، والفائدة في قولنا : « ها » استعطاف المأمور واستدعاء إقباله على الأمر ، إلا أنه لما كثر استعماله حذف عنه الألف على سبيل التخفيف كقولك : لم أبل ، ولم أر ، ولم تك ، وقال الفراء : أصلها « هل » أم أرادوا « بهل » حرف الاستفهام . وبقولنا : « أم » أي أقصد ؟ والتقدير : هل قصد ؟ والمقصود من هذا الاستفهام الأمر بالقصد ، كأنك تقول : أقصد ، وفيه وجه آخر ، وهو أن يقال : كان الأصل أن قالوا : هل لك في الطعام ، أم أي قصد ؟ ثم شاع في الكل كما أن كلمة « تعالى » كانت مخصوصة بصورة معينة ، ثم عمت . المسألة الثالثة : أنه تعالى نبه باستدعاء إقامة الشهداء من الكافرين ليظهر أن لا شاهد لهم على تحريم ما حرموه ، ومعنى { هَلُمَّ } أحضروا شهداءكم . ثم قال : { فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ } تنبيهاً على كونهم كاذبين ، ثم بين تعالى أنه إن وقعت منهم تلك الشهادة فعن اتباع الهوى ، فأمر نبيه أن لا يتبع أهواءهم ، ثم زاد في تقبيح ذلك بأنهم لا يؤمنون بالآخرة ، وكانوا ممن ينكرون البعث والنشور ، وزاد في تقبيحهم بأنهم يعدلون بربهم فيجعلون له شركاء . والله أعلم .