Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 154-154)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن قوله : { ثُمَّ ءاتَيْنَا } فيه وجوه : الأول : التقدير : ثم إني أخبركم بعد تعديد المحرمات وغيرها من الأحكام ، إن آتينا موسى الكتاب ، فذكرت كلمة « ثم » لتأخير الخبر عن الخبر ، لا لتأخير الواقعة ، ونظيره قوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ } [ الأعراف : 11 ] والثاني : أن التكاليف التسعة المذكورة في الآية المتقدمة التكليف لا يجوز اختلافها بحسب اختلاف الشرائع بل هي أحكام واجبة الثبوت من أول زمان التكليف إلى قيام القيامة . وأما الشرائع التي كانت التوبة مختصة بها ، فهي إنما حدثت بعد تلك التكاليف التسعة ، فتقدير الآية أنه تعالى لما ذكرها قال : ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديماً وحديثاً ، ثم بعد ذلك آتينا موسى الكتاب . الثالث : أن فيه حذفاً تقديره : ثم قل يا محمد إنا آتينا موسى ، فتقديره : اتل ما أوحى إليك ، ثم اتل عليهم خبر ما آتينا موسى . أما قوله : { تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِى أَحْسَنَ } ففيه وجوه : الأول : معناه تماماً للكرامة والنعمة على الذي أحسن . أي على كل من كان محسناً صالحاً ، ويدل عليه قراءة عبد الله { عَلَى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } والثاني : المراد تماماً للنعمة والكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة بالتبليغ ، وفي كل ما أمر به والثالث : تماماً على الذي أحسن موسى من العلم والشرائع ، من أحسن الشيء إذا أجاد معرفته ، أي زيادة على علمه على وجه التتميم ، وقرأ يحيى بن يعمر { عَلَى ٱلَّذِى أَحْسَنَ } أي على الذي هو أحسن بحذف المبتدأ كقراءة من قرأ { مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً } [ البقرة : 26 ] بالرفع وتقدير الآية : على الذي هو أحسن ديناً وأرضاه ، أو يقال المراد : آتينا موسى الكتاب تماماً ، أي تاماً كاملاً على أحسن ما تكون عليه الكتب ، أي على الوجه الذي هو أحسن وهو معنى قول الكلبي : أتم له الكتاب على أحسنه ، ثم بين تعالى ما في التوراة من النعم في الدين وهو تفصيل كل شيء ، والمراد به ما يختص بالدين فدخل في ذلك بيان نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم دينه ، وشرعه ، وسائر الأدلة والأحكام إلا ما نسخ منها ولذلك قال : { وَهُدًى وَرَحْمَةً } والهدى معروف وهو الدلالة ، والرحمة هي النعمة { لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبّهِمْ يُؤْمِنُونَ } أي لكي يؤمنوا بلقاء ربهم ، والمراد به لقاء ما وعدهم الله به من ثواب وعقاب .