Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 16-16)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
" التجافي عن المضاجع " ظاهراً ، تنحّي أبدانهم عن الفراش ومواضع النوم لصلاة الليل ، لأنهم المتهجدون بالليل القائمون عن مواضعهم للصلاة ، عن الحسن ومجاهد وعطا ، وهو المروي عن أبي جعفر وابي عبد الله ( عليه السلام ) . وباطناً تنحي أرواحهم بحسب قواهم العملية عن الغواشي الطبيعية والشواغل الجسمية ، التي تلي الجنبة السافلة منها ، والقيام عن المضاجع البدنية والخروج عن عالم الأجسام بقطع التعلقات ومحو الآثار ، أو عن عالم الإمكان بمحو الصفات . روى الواحدي باسناده " عن معاذ بن جبل " قال : بينا نحن مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في غزوة تبوك ، وقد أصابنا الحر فتفرق القوم ، فإذا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) أقربهم مني ، فدنوتُ منه فقلت : يا رسول الله ! أنبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار . قال : سألت عن عظيم ، وانه ليسير على من يسّره الله تعالى عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان . قال : وان شئت أنبأتك بأبواب الجنة ؟ قال : قلت : أجل يا رسول الله . قال : الصوم جُنة ، والصدقة تكفّر الخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله تعالى - ثم قرأ هذه الآية - " " . وقيل : نزلت في الذين لا ينامون حتى يصلّوا العشاء الآخرة . وعن أنس : نزلت فينا معاشر الأنصار ، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء الآخرة مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) . وقيل : هم الذين يصلون ما بين المغرب والعشاء الآخرة ، وهي صلاة الأوّابين . وأما دعاؤهم ربهم : فهو توجههم إلى التوحيد ومقام العندية ، وعبادتهم بمقتضى العبودية خوفاً من سخط الله والتردي في مهوى الطرد والبعد ، أو من جهة الاحتجاب بصفات النفس ، وطمعاً في بقاء ذاته - ان كان من المقرّبين - ، وفي رحمة الله وجناته ، - ان كان من أهل العمل - . وعن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق كلهم : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم . ثم يرجع فينادي : ليَقُم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ، فيقومون وهم قليل . ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانوا يحمدون الله في البأساء والضرّاء ، فيقومون وهم قليل ، فَيُسَرّحون جميعاً إلى الجنة ، ثم يحاسب سائر الناس " . وأما إنفاقهم مما رُزقوا : فهو إيتاؤهم الزكاة من المال ، وتعليمهم المعارف والحقائق على أهل الاستعداد .