Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 22-22)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا نمط آخر لَهُ ، في نصيحة الجاهلين من أهل القرية ، وإيقاظ النائمين من قومه ، وهو التلطّف لهم ، والمواساة معهم ، والتسوية بين نفسه وبينهم ، فيما اختار لنفسه ، فأبرز الكلام في معرض المناصحة لنفسه قصداً لمناصحتهم ، وطلباً لصلاح حالهم ، لغاية الشفقة عليهم ، والمساهمة معهم ، حيث لم يرد لهم إلاّ ما أراد لروحه ، ولهذه الرعاية في إثبات المشاركة والمساهمة وقع قوله : { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } ، بدل قوله : " وما لكم لا تعبدون الذي فطركم " ألا تَرى ، أنه كيف عاد عمّا ساق الكلام لهذه الرعاية ، إلى ما يستدعيه سوق الكلام لأصل المقصد ، من الخطاب لهم للنصيحة والإرشاد ، واراءتهم سبيل السداد ، فقال : " وإليه ترجعون " ، بعد قوله : " الذي فطرني " ، إذ المقابلة بين المبدء والمرجع ، مما يقتضي أن يكون أحدهما مقيساً إلى ما يقاس إليه بعينه الآخر ، ويقاس إلى أحدهما ما يقاس بعينه إلى الآخر ، ولمّا لم يلتفت لفت هذه المخاطبة على ما تستدعيه المقابلة ، بل نسب إلى المبدء بالخلق والإجادة ، غير ما نسب إلى المعاد بالرجوع والإعادة ، فعُلِم أن تغيير الأسلوب ، كان تنصيصاً على المساهمة وتأكيداً للمناصحة . وقيل : إنه لما قال لهم : { ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } [ يس : 21 ] ، أخذوه ورفعوه إلى الملك ، فقال له الملك : " أفأنت تَتَّبِعُهم " ؟ فقال : { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } ، أي تُرَدُّونَ عند البعث ، فيجزيكم بكفركم ، ثم أنكر اتخاذ الأصنام وعبادتها .