Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 29-29)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } أي ما كانت الأخْذَةُ أو العقوبة لأهل القرية ، إلاّ صَيْحَةً واحدة ، أهلكوا بها دفعة واحدة ، كفجأة ونحوها بنوع واحد من الهلاك بحسب ما يستدعيه حالهم وأعمالهم . وقرأ أبو جعفر المدني بالرفع ، أي ما وقعت إلاّ صيحةٌ واحدة ، فتكون " كان " على هذا الوجه تامة ، لكن القياس والاستعمال . يقتضيان تذكير لفظ الفعل التام ، لأن معناه : ما وقع عليه شيء إلاّ صيحة واحدة ، وقد اعتذر عنه صاحب الكشاف . بأنه نظر إلى ظاهر اللفظ ، وأن الصيحة في حكم فاعل الفعل ، ومثلها قراءة الحسن ، ( فَأْصْبَحُواْ لاَ تُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ) [ الأحقاف : 25 ] وبيت ذي الرمة : @ " وما بقَيت ، إلاّ الضُّلُوعُ الجَراشِع " @@ والأمر فيه هيّن . وقراءة ابن مسعود : " الأزقية واحدة " من " زقا الطائر يزقو ويزقي " إذا صاح ، ومنه المثل : " أَثَقَلُ من الزواقي " ، وبالجملة ، كان هلاكهم عن آخرهم بأيسر أمر ، صِيحَتْ عليهم بأجمعهم صيحة واحدة ، حتى هلكوا جميعاً . { فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } [ 29 ] : كما تخمد النار فتعود رماداً ، قيل : إنهم لما قتلوا حبيب النجّار ، غضب الله عليهم ، فبعث جبرئيل حتى أخذ بعضادة باب المدينة ، ثم صاح بهم صيحة ، فماتوا عن آخرهم ، لا يسمع لهم حِسٌّ كالنار إذا انطفأت . وفي قوله تعالى : " خامدون " ، استعارة لطيفة ، حيث شبَّه الروح الإنساني القائم بالطبيعة البشرية ، بنار اشتعلت من فتيلة ، ثم أثبت له الخمود الحاصل للفتيلة في بعض الأوقات ، من النفخ الحاصل من الفم الإنساني ، في نحو الأنبوبة وغيرها ، وربما يكون معه صوت ، ولأجل ذلك ، عبَّر عن إهلاك النفوس بالنَّفْخ ، كما في قوله : { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } [ يس : 51 ] وكذا عن إحيائها ، لأن بالنفخ كما تخمد النار كذلك قد تشتعل ، على حسب اختلاف أنحاء النفخ ، وهذا من سوانح وقت كتابتي هذه ، ولم أرهُ في كلام أحد .