Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 41-41)

Tafsir: at-Tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

" الذُّرِيَّة " ، كما أطلق على الأولاد أُطلق على الآباء لأنها مأخوذة من " ذَرَءَ الله " أي : خلقها ، فَيُسَمَّى الأولاد ذريةً لأنهم خُلِقوا من الآباء ، وسُمّي الآباء ذرية ، لأن الأولاد خُلِقُوا منهم ، والمراد ها هنا الآباء إن كانت " الفلك " يعني به سفينة نوح ( عليه السلام ) لا المطلق ، وإنما سميت بها ، لأنها تدور في الماء كما تدور " الفَلَكَةُ " في المغزل ، ويدور الفَلَكُ بالنجوم ، أي من جملة الآيات العظيمة للناس ، الدالة على قدرة الله وحكمته وعنايته لهم ، أنه حمل آبائهم وأجدادهم الذين هؤلاء من نسلهم في الفلك المشحون - يعني سفينة نوح - ، المملوءة من الناس والدواب والوحش والطير ، وسائر ما يحتاج إليه مَنْ فيها ، فَسَلِموا من الغرق ، فانتشر منهم بَشَر كثير . قيل : أن الحواريين قالوا لعيسى ( عليه السلام ) : " لو بعثتَ لنا رجلاً شهد السفينة يحدثنا عنها " فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب ، فأخذ كفّاً من ذلك التراب فقال : " أتدرون من هذا ؟ " قالوا : " الله ورسوله أعلم " فقال : " هذا كعب بن حام " . فقال : فَضَرَبَ الكثيبَ بعصاه فقال : " قُمْ بإذن الله " ، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب ، فقال له عيسى ( عليه السلام ) : " أَهَلَكْتَ ؟ " قال : " لا مُتُّ وأنا شاب ، ولكني ظننت أنها الساعة فَمِن ثمَّ شِبْتُ " . قال : " حدِّثْنا عن سفينة نوح " قال : " كان طولها ألفَ ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات ، طبقة للدواب والوحش ، وطبقة للإنس ، وطبقة للطيَّر " ثم قال : " عد بإذن الله كما كنت " فعاد تراباً . وقيل : " الذُّرِّية " بمعنى النسل كما هو الأصل ، ومعنى حَمْلِ الله ذرّياتهم فيها ، أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين ، وهم في أصلابهم هم وذريّاتهم ، وإنما ذكر ذرياتهم دونهم ، لأنه أبلغ في الامتنان عليهم ، وأدخل في التعجب من قدرته في حمل أعقابهم إلى يوم القيامة في سفينة نوح . وقيل : اسم الذرية تقع على النساء لأنهنّ مزارعها ، وفي الحديث : " أنه نهى عن قتل الذراري " يعني النساء ، وقيل : الذرية هم النساء والصبيان . " والفُلْك " هي السفن الجارية في البحار ، وخَصَّ الذرية بالحَمْل في الفُلْك لضعفهم ، وعدم قوتهم كالرجال على المشي في السفر ، فسخّر الله لهم السفن للحمل في البحر ، والإبل للمركوب في البر ، فعلى هذا يكون معنى قوله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } [ يس : 42 ] .